2017-01-30

وأهل الخنادق تخندق في خنادقها


كثير من الناس لا يوجد لديهم معيار حقيقي لتقييم أداء نواب مجلس الأمة / فقط ينتظرون الإستجوابات ، وتصويتات القضايا المثارة إعلامياً ، ثم يفرزون ، ويصنفون : هذا حكومي ! وهذا معارض !! 

هذا النوع من البشر ليس بحاجة - أصلاً - لمعيار أو مقياس للتقييم ، أو لتمييز الحق من الباطل ، أو معرفة تفاصيل ، فالأمور محسومة عنده من بدري ، فهو يتعامل مع نوابه وفق قاعدة ( حنا معك في شر وألا في قدا ) ، لذلك تكون أحكامه مسبقة ، ومواقفه معلنة قبل المداولة ، ولا حاجة لديه لقراءة محاور استجواب ، أو سماع رأي الآخر .

غداً استجواب وزير الإعلام سلمان الحمود ، وهو ليس سوى نسخة من المشاهد المكررة التي يحشد فيها النواب شعبياً ، ويصعّدون ، حتى تظن أنها قضية مصيرية لا حل فيها إلا بطرح الثقة بالوزير ، ! وفي المقابل تستنفر الحكومة وكأن الإستجواب مسألة حياة وموت !

على هونك أنت ويَاه ، فالإستجواب سؤال وجواب ، ولا داعي للتشنج ، وتحميل الأمور فوق ما تحتمل ، فكم من استجواب تمخض عن فأر .

أكثر المتابعين المتحمسين للإستجواب هم أصحاب الخندقين ( الفهد - مرزوق ) ، وكل طرف منهما يدّعى ظاهراً أنه إنما يبحث عن حل ، وربما صدق ، لكن الحل ليس أولوية لديهما ، بقدر سعي كل منهما لكسر عظم الآخر .

الطريف أنه لو تم تقديم هذا الإستجواب بلحمه ودمه في مجلس 2009 لتفرجنا على مواقف مختلفة ، بل مناقضة تماماً من بعض المتخندقين اللي مع نوابهم في شر وألا في قدا .

لنستمع إلى كلمتين للنائبين الطاحوس والبراك في مجالس سابقة حول القضية الرياضية ، ونتصور كيف هو موقفهما لو كانا حاضرين استجواب سلمان الحمود غداً ! 

خالد الطاحوس

مسلم البراك 

وسلامة فهم اللي ما ودّه يفهم .
وملاحظة :
جماعة خندق واحد يقولون :
الإستجواب سيكشف المناديب الجدد !
وجماعة خندق اثنين يقولون :
الإستجواب سيكشف مناديب أحمد الفهد !


*

غداً أيضاً نحن على موعد مع طلب غريب التوقيت من رياض العدساني ، حيث سيطلب من المجلس السماح له بساعة لكشف أسماء المتهمين في قضية الإيداعات ، وكشف مبالغهم ، من خلال وثائق كما قال !!!

ماذا يريد العدساني بالضبط ؟

ماذا نستفيد من تكرار أسماء باتت معلومة ؟ وهل سيختلف الأمر إن كان المبلغ ٧٠٠ ألف أو ٧ مليون ؟؟

الذي أعتقده أن العدساني يرمي إلى أمر أبعد من فهم بسطاء الناس ، فربما أراد إحراج المستجوبين وداعمي الإستجواب مع المعنيين بالإيداعات ، فإن صوتوا مع منح العدساني ساعة لكشف الأسماء ، فإن هذا الأمر سيغضب المتهمين وأصحابهم مما يدفعهم للوقوف نكالاً مع الوزير رغم أن بعضهم في خندق الفهد !! ( واضحة ؟ )

*

خلاصة القول :

اذا رأيت للرجل موقفين متناقضين من قضيتين متشابهتين فاعلم أنه من ربع حنا معك في شر وألا في قِدا  .

.

2017-01-27

عين الإصلاح مهي عورا

إلى متى وحنّا نكذب على بعضنا ؟

هل نحن نسعى للإصلاح ونحارب الفساد فعلاً ، أم أننا نبحث عن فساد يناسبنا ؟

من خلال متابعتي للساحة السياسية المحلية على مدى أكثر من ربع قرن اكتشفت أن ٣ أرباع مدعي الإصلاح ، رافعي شعار محاربة الفساد غير صادقين في كثير مما يعلنون ، وأنهم لا يحاربون الفساد بالصورة التي يعتقدها عامة الناس .

أعلم أن هذا الكلام لا يعجب كثير من الناس ، خصوصاً أولئك الذين يشجعون ما يسمى بالمعارضة كتشجيعهم للقادسية ، ويُعجبون بالنائب إعجابهم بجاسم يعقوب !
لا يهم ، فقد تجاوزت مرحلة مداراة خواطر الناس . 

سأثبت لكم صحة وجهة نظري ، من خلال مواقف النواب في مجالس 96 ، 99 ، 2003 ، 2006 ، وهي مجالس الدوائر القديمة ، قبل أن تُغيّر الدوائر إلى 5 ، والتي تغيرت معها كثيرٌ من المبادىء ، والأجندات ، وآليات استقطاب صوت الناخب !

مثال / كتلة العمل الشعبي ترفع شعار محاربة الفساد ، والدفاع عن المال العام ، ولها وقفات جيدة / ولكن هل مر عليكم من خلال استجوابات الكتلة ، ومواقف نوابها فترة المجالس المذكورة أنها كانت تحارب الفاسد مهما كان آخر اسمه ؟ أم أنها اختصت بالشيوخ والعوائل ؟

كتلة العمل الشعبي لم تكن تحارب الفاسد البدوي أو الشيعي على الإطلاق ، وعودوا لإستجوابات الكتلة طوال 10 سنوات ، هل استجوبت وزيراً شيعياً ، أو قبلياً ؟؟

مثال / حزب الاخوان حدس / خلال فترة المجالس المذكورة ، هل حارب فاسداً شيعياً أو قبلياً ؟؟

مثال / نواب الشيعة / خلال المجالس كلها ، هل حاربوا فاسداً شيعياً ، أو قبلياً ؟

مثال / نواب القبائل / خلال العمر كله / هل أنكروا على وزير قبلي ؟

يعني يا اخوان ، الدعوة غالباً ليست إصلاح ، ومحاربة فساد ، إنما تصفية حسابات مع خصوم مرحلة ، وإبراز فسادهم ، للتخلص من أشخاصهم فقط .

الحكاية ليست محاربة فساد ، بقدر ما هي  إنتقائية في تفعيل الرقابة ، ومزاجية في التحرك لحفظ المال العام ، ومن جهة أخرى يمكن أن نقول خيانة أمانة ، وعدم بر بقسم بغض نظر متعمد عن فساد ظاهر ، وسكوت تفرضه الطائفية ، أو القبلية ، أو القاعدة الإنتخابية عن فاسدين معلومين .

والسالفة بشكل أوضح ، إما أن كل الوزراء والوكلاء والمتنفذين من أبناء القبايل والشيعة في تلك الحقبة شرفاء ، وإما أن عشرات النواب شياطينٌ خرس !

طيّب ، أيش المطلوب الآن ؟
- سلامتكم ، ما نبي شيء ، فقط حبيّت أوضّح هـ النقطة ، وأقول "وش حن خابرين" لحد يستشرف علينا ، وبلاش تصنيف الناس ، وتوزيع الألقاب ، وترى صكوك المرجلة ، والشرف ، والوطنية مهي ملك أحد .

*
خلاصة القول :

التفكير البالي لازم يتغيّر ، وعين الإصلاح مهي عورا 

.
   

2017-01-24

فيروس الثور



في كل عام مرة ، أو مرتين تحذرنا المنظمات الصحية العالمية من خطورة تفشي أمراض معدية خطيرة ، ولزوم الوقاية منها ، وشراء أدويتها ! ، مثل جنون البقر ، وانفلونزا الطيور ، والخنازير ، وفايروس السارس ، وغيرها من صادرات الغرب  ، لكن هذه المنظمات لم تتحرك أمام "فايروس الثور" الذي تفشى بين العرب في يناير 2011 وأباد مئات الآلاف منهم ، حيث انتشر مرض في تلك الفترة يصيب الإنسان العربي دون غيره ، من أعراضه أن يتحول المصاب به إلى إنسان غاضب ، حانق ، حاقد ، ثائر ، يشعر دائماً بطاقة سلبية هائلة ، ورغبة في النطح ، لكنه لا ينطح إلا أهله !!!

والسؤال ؛
لماذا لم تحذر المنظمات الدولية الغربية من مرض وعدوى الثور ؟

الجواب بكل بساطة :
لأنها هي التي حقنت فئات مختارة من الشعوب العربية بفيروس الثور ، وهي تعلم أنها في مأمن من إنتقال العدوى إلى دولها وشعوبها ، حيث عملت على عجن تركيبة خاصة مكوناتها فايروس حرية ، فايروس كرامة ، فايروس شرف ، فأكلها المواطن العربي ، فتحوّل إلى ثور .

يدّعي البعض أن ما حدث ليس سوى صدفة ، ولم يكن هناك تعمد ، أو مؤامرة ، وترتيب ، وخطة .

سأثبت لكم أن الأمر لم يكن كذلك ، بالتاريخ والصورة ، لكن قبل ذلك أتمنى أن تقرأوا هذا المقال لكي يتضح لكم ما بعده
👇🏽
خلّك طبيعي
.

نكمل / 
باستثناء إقامة صلاة الجماعة ، لا يمكن أن يتفق المسلمون العرب على عمل معين ، بتوقيت محدد ، وساعة صفر واحدة ، إلا بعد اجتماعات مطولة ، ونقاشات مستفيضة ، وتحضيرات ، وترتيبات ، وتجهيزات !!! 

وهذا يعني أن ما حدث من ثورات عربية في يناير 2011 ليس صدفة ، وأن كل الشعارات المرفوعة في مختلف الدول العربية كاذبة ، حيث اختلفت مطالب الشعوب ، وآلياتها بحسب ما يتناسب ونظام كل بلد ! لكنهم اتفقوا جميعاً على أمر واحد ، وهو النطح الجماعي ، بتوقيت واحد ! وهو ما أراده منهم ، ولهم ، الذي خطط ، ودعم ، وعجن الخلطة ، وأعلن ساعة الصفر للبحث عن الكرامة المزعومة ! والحرية ! والشرف ! والمشاركة في الحكم والمال !!

هاج الثور ، وخربت الديار ، وفُقد الأمن ، وأزهقت الأرواح ، وتشرّدت العائلات ، وجاع الأطفال ، وأغتصبت النساء ، ومات الشيوخ والعجائز كمداً ، ومضت 6 سنوات والثور لا من وطن ، ولا من كرامة ! 

رحل زين العابدين وحل أعضاء حزبه مكانه ، وذهب حسني وجاء السيسي ، وقتل القذافي فخرج 1000 قذافي ، وسقطت هيبة الجيوش العربية ، وتم تفكيكها قبل أن تتحد بقيادة زعيم مسلم ، وهذا هو مربط الفرس الذي لم يتنبه له الثور !


والآن إليكم بالتاريخ والصورة ، ما يثبت أن الأدوات حُرّكت وفق المخطط في 2011 تزامناً في شتى الدول العربية في ظاهرة لن تتكرر إلا في حالة أن ثور يناير تحوّل إلى حمار .
.
.
.
.
.
.
.
.
.
.
.
.
.
.
.
خلاصة القول :
إن كنت ثوراً في 2011 فلا تكن حماراً في 2017

..

.*
على الهامش :
تأخر البعض في الخليج عن التحرك بالتوقيت المحدد بسبب برد المربعانية ، وعطلة المدارس ! ( حقيقة وليست نكتة ) .
.

2017-01-23

من مقترح الرجّال تعرف خوافيه

 

مقترح 5 دوائر وصوتين ، سخيف ، رخيص ، لا يساوي حبر كتابته ، ولا يستحق ذلك الجهد الضايع من مقدميه ، أو الوقت المهدر من اللجنة التشريعية في النظر فيه .

مقترح شكلي ، سبق وأن تقدم به أحد نواب مجلس 2013 ، لا حلول فيه ، ولا هدف منه ، اللهم كسر عقدة الصوت الواحد ، ومحاولة إبراء ذمة نائب من وعد كذاب تم قطعه لناخب كان في حاجة صوته .

أين الفائدة ، أو الإنجاز في تحويل الصوت الواحد إلى صوتين ؟!

من الإستغفال إيهام الناس أنها قضية صوت وصوتين ، في حين أنها قضية عدالة دوائر ، ومساواة بأعداد الناخبين .

احترم عقول الناس يا نايب ، وقدم مقترحاً مستحقاً بتعديل الدوائر ، وإعادة تقسيمها ، بما يضمن عدالة توزيع المناطق على أساس التقارب الجغرافي ،  والمساواة في أعداد الناخبين .

ليس من العدالة ، ولا المساواة ، ولا المنطق ، ولا الذوق ، أن تبقى الدوائر الإنتخابية على نفس تقسيمتها ، وتفاوت أعداد ناخبيها .

فمن الظلم أن تحظى دائرة تعداد ناخبيها 50 ألف ناخب بـ 10 ممثلين عنها ، وتتساوى معها بعدد النواب ( 10 ) دائرة تجاوز عدد ناخبيها 140 ألف ناخب !!

ومن الظلم أن تبقى مناطق كاملة خارج المنظومة الإنتخابية ، وترفض المختاريات إدراج أسماء ساكنيها في القيود الإنتخابية للدائرة التي تتبعها المنطقة .

يا نائب الدائرة الـ 4 والـ 5 الأمر يخصك دون غيرك ، والسالفة ليست مجرد تسجيل موقف ، وإبراء ذمة ، ومجاملة نائب زميل ، والتخلص من عقدة !

 لا تنخدع بمن يروّج أن التخلص من الصوت الواحد أولوية ! واحذر من مقولة "خلنا نغيّر الصوت الواحد بعدين نعدّل الدوائر" !

كن على قدر المسؤولية ، وحدد أولوياتك بالتنسيق مع ناخبي دائرتك ، ولا تكرر سقطة أولئك النواب الذين قدموا مصالحهم الإنتخابية الشخصية ، والحزبية على حساب دوائرهم حين إرتضوا بمقترح 5 دوائر غير عادلة و 4 أصوات غير دستورية .

*
خلاصة القول :

إن كنت تجهل الأولوية ، إسأل من الناس ناخب .


.



2017-01-12

طويس وبنيـ خيـه

يقول الراوي / في أحد المستشفيات ، وبينما الطبيب في جولته الإعتيادية الصباحية يمر على المرضىٰ في جناح العظام اذ لاحظ 3 أشخاص إصاباتهم متشابهة ، وقد كسىٰ الجبس كامل أجسادهم باستثناء وجوههم المليئة بالخدوش ،  وأكبرهم سناً يضحك ساعة ويبكي ساعة ، فاقترب منه الطبيب  يسأله عن حاله وأصحابه ، وسبب تقلب عواطفه بين الضحك والبكاء ، فقال المريض الكسير :
ألم تعرفنا ؟ أو تسمع عنا ؟
قال الطبيب : لا
قال : أنا طويس الشعبي ، وهذان أولاد أختي ، ناشط ، و لاشط ، وحكايتنا مضحكة ، مبكية ، فإن كان لديك وقت كافٍ سردتها لك ، قال الطبيب : إن كانت طويلة فلا وقت لدي ، لكنني سآتيك ليلاً حيث موعدي مع الخفارة هذه الليلة .
قال طويس : بالتأكيد ستجدني بانتظارك :)

وفي الليل جاء الطبيب إلى طويس وكله فضول لسماع حكاية طويس الشعبي وبنيخيه ، وقال على الفور : إهرج يا الشعبي .

قال الشعبي :
لقد كنت صديقاً لمحافظ بلدتنا ، أنهل من خيره ، وأستفيد من وجاهته ، وكنت أتوسط لخاصتي من الناس عنده ليقضي حاجاتهم ، ويوظف أولادهم ، وكان يفعل ما أطلبه ، وفي المقابل أضمن له سكوتهم وعدم تأليب الناس عليه ، أو تحريض الحكومة ، حيث كان يقتطع من أراضي البلدة لنفسه ، ولأقاربه ، ويشارك الناس في تجاراتهم مقابل تسهيل أمورهم ، الخ .

وفي يوم من الأيام أصبحنا على خبر موت صديقي المحافظ ، وتعيين الحكومة محافظاً مكانه ، حاولت توطيد علاقتي مع المحافظ الجديد ، لكنه كان محاطاً ببطانة سيئة لم تسمح لأحد من الإقتراب منه إلا بشروطها ، فحرمت الخير الذي كنت أناله ، فقل مالي ، وذهبت وجاهتي ، وتفرق الناس من حولي ، فلم أدري ما أصنع !
هل أقبل بشروط بطانة المحافظ ، وأرضى بالقليل ، وأكون تحت تصرفهم ؟ أم أبتعد ؟

وبينما أنا بين رأي ورأي اذ جائني ناشط ، ولاشط وقالا : أبعد السلطة والنفوذ تخضع لأمثال هؤلاء !
إنسى ما كان ، وتعال معنا نشتغل أحراراً ، وعرضا علي أن أدخل معهما في مشروع زراعي ، فترددت ، لكنهما أقنعاني بنجاح المشروع ، فوافقت على مضض ، وشريت بنصف ما تبقى معي من مال بذوراً ، فزرعناها في أرضٍ لي ، لكن الله أراد أن يكون ذلك الموسم قحطاً ، فلم تنزل قطرة ماء واحدة ، فخسرنا مشروعنا .

ثم إقترح علي أبناء أختي مشروعاً آخراً بأن نشتري غنماً ونسمنها ثم نبيعها قبيل عيد الأضحىٰ ، فوافقت مكرهاً ، ودفعت لهما النصف الآخر من المال ، فاشترينا به ١٠٠ رأس من الغنم ، لكن مرضاً أصابها فماتت كلها قبيل العيد بأسبوع !

فضاق بي الحال أكثر ، وفكرت ماذا أفعل ، وكيف أعوّض خسارتي بتجارة لا تمرض ، ولا تُسقىٰ ، وأصبحت ألوم ناشط ولاشط على ما أوصلاني إليه ، فقالا : التجارة ربح وخسارة ، وليس أمامك إلا أن تبيع أرضك الزراعية ، وتشتري محلاً في السوق .

وافقت أيضاً على مقترحهما ، فبعت أرضي ، وبحثت في السوق عن محل أشتريه فما وجدت إلا واحداً في طرف السوق ، وكان مغلقاً ، ويجلس أمامه رجل ذا هيبة ، فسألته إن كان المحل للبيع ، فقال : هو كذلك ، ففرحت ، واتفقت معه على السعر ، ودفعت نصف ما معي على أن يُحضر المفاتيح من الغد ويسلمني المحل .
ولما كان من الغد حضرت في الموعد فوجدت المحل مفتوحاً وفيه شيخ كبير يبيع بضائعه ! فقلت إني اشتريت هذا المحل بالأمس من صاحبه ! فقال الشيخ : لا صاحب للمحل غيري ، ولم أحضر بالأمس لوعكة ألمت بي .
قال طويس : سألت أصحاب المحلات من حوله عن صاحب المحل ، فقالوا لا نعلم له صاحباً غير هذا الشيخ ، وقد نُصب عليك !!

قال الطبيب وهو يضحك : وما علاقة هذه الحكايات بما حل بك أنت وبنيخيك ؟

قال طويس : حين ذهب كل مالي ، وعرفت أنني منحوس ولن أفلح بتجارة ، قلت لناشط ولاشط لم يتبقى لي إلا طريقة واحدة لأستعيد مالي ، قالا وما هي ؟ قلت نقطع الطريق على زوّار المحافظ الجديد حيث قصره في أعلى الجبل ، وكل زواره أغنياء ، فوافقا على الفور ، وأحضرا رشاشين ومسدس .

وفي أول محاولة لقطع الطريق أوقفنا سيارة جيب لاندكروزر حديثة وفيها شخص وحيد ، ووضعت المسدس على رأسه وأخبرته أنه مخطوف ، فقاد السيارة وزاد من السرعة ، دون أن يتحدث بشيء !

وأثناء ذلك رن هاتفه الجوال ، فقلت له رد ، وقل لأهلك أنك مخطوف ، وأننا نطلب فدية مليون ريال أو قتلناك .

فتح المخطوف الجوال وقال مخاطباً المتصل :
حياك الله يا أبا البراء ، باقي كيلو واحد على منزل المحافظ ، وإن شاء الله ستسمعون صوت الإنفجار ، وستفرحون بمقتل المحافظ الكافر ومن معه !! الموعد الجنة .

انصدم طويس وقال : ايش تقول أنت ؟
قال المخطوف : أنا انتحاري ، والسيارة مفخخة بـ طن من المتفجرات  ، وأنا لابس حزام ناسف ، وأي حركة ستنفجر السيارة ، وهذا إصبعي على الزر .

صاح طويس : طيّب نزلنا وكمّل طريقك ، خلاص ما نبي نخطفك !

قال الإنتحاري : لا ، ما عاد هو بكيفك ، ولا فيه مجال أوقف ، كل شيء محسوب بالوقت ، وان شاء الله أنتم رفقائي إلى الجنة !

قال طويس  : قلنا بصوت واحد أنا ولاشط وناشط ، ما نبي الجنة بس اتركنا نعيش ، وقمنا نتوسل إليه ، ونقبل رأسه ، ويده ، وكثر صراخنا ، وارتباكنا ، فقال : 
خلاص ، سوف أسمح لكم بالنزول من السيارة ، لكنني لن أتوقف ، فاقفزوا من السيارة ، وبدون تردد ، قفزنا من السيارة وهي بسرعة ١٦٠ كم ، فما أفقنا إلا في المستشفى ، وحالنا كما ترى ، وهذا الذي يضحكني ويبكيني ، فالنحس يلازمني في كل ما أقوم به منذ حُرمت من منفعة المحافظ ! 
ليتني ما طاوعت هـ الإثنين !

*
خلاصة القول :

  من طاوع الجهّال يصبر على اللوم
.

 

2017-01-07

الجهل يجمعنا



لكل زمن موضة ، وهبّات ، وهوايات تجمع محبيها

في الـ ٧٠ ــات ، والـ ٨٠ ــات ، كانت كرة القدم شغف الأطفال ، والشباب ، فلا يمكن أن تمر عصرية بأي براحة في الكويت إلا وتشاهد مباراة ، أو أكثر ، والجماهير تحيط بالملاعب تتابع نجوم الشوارع إلى أذان المغرب .

.

وتتسع نفس البراحات لهواية أخرى ، لا أعتقد أن أحداً عايش تلك الفترة الزمنية إلا ومارسها ، وهي لعب التّيل 

.
.
والمبدعون في هذه الهواية هم فقط من يستطيعون ملىء قوطي النيدو !!

وهذه الهواية الهبّة تنشط فترات العطل المدرسية وتخمل فترات طويلة قبل أن تعود ، لذلك يهدر الأولاد محصولهم من التيل وكسبهم طوال موسمها في ممارسة هوايتهم الأخرى المفضلة في ذلك الزمن ، ألا وهي الصيد بالنبّاطة !


.
ومن الطبيعي أن تتذكر أجيال البساطة هبّة اللعب بالقواري ، والتي يرتبط الحصول عليها بالنجاح  ، عندما كان النجاح أمراً صعباً بخلاف ما يحدث مع جيل الآيفون !


.

ولّىٰ زمن هوايات الأطفال  البسيطة ، المفيدة ، وأقبل زمن الآيفون ، والهوايات القبيحة التي يشترك فيها أبو ٤ سنين ، وأبو ٤٠ ، وأبو ٦٠ !!

الآيفون يجمعنا !

اليوم يشترك أبو ٤٠ سنة مع الجاهل أبو ٤ سنين ، ومع الحرمة ، وربما تشترك معهم أيضاً الخدامة ميري ، في لعبة سخيفة بالآيفون ، يمضون الوقت الطويل فيها ، وربما تخلفوا عن أعمالهم من الغد لأنهم سهروا ليلهم من الحماس في محاولة للتغلب على البزر الذي كسب النقاط عليهم !

اليوم  بسبب الآيفون ، يشترك أبو ٤٠ وأبو ٥٠ سنة مع أبو ١٥ سنة ، ومع السفية ، والكذاب ، في هواية نقل الأخبار على طريقة عاجل ! ومكتوب في تويتر !!

اليوم جعل الآيفون الكذب هواية لكثير من الناس الذين يحدَثون بكل ما سمعوا ، أو كما وصلهم في الواتساب !

 اليوم يجمع الآيفون مرضى جلد الذات العرب هواة اطلاق هاشتاقات التنكيت على الحكام ، والإستهزاء بالعلماء ، وشتم القريب ، والثناء على التيس الغريب .


خلاصة القول :

اليوم الآيفون هو الهواية ، وهو الغواية 


.

خير في بطنه شر

يسمّونها الزاوية الميتة؛ تلك الزاوية التي لا تستطيع مشاهدتها من خلال المرآة الوسطى بالسيارة، أو مرآة السائق الجانبية، ومكانها خلف الجانب الأ...