في أحد مناهج المرحلة الإبتدائية درس بعنوان "الكويت
أُمنا"، يهدف لغرس حب الأرض والوطن في نفوس الأطفال، ويعلمهم كيف أن هذه الأم
احتضنتهم، وأسبغت خيرها عليهم، ومنحتهم الأمان.
يجتهد المعلم في المدرسة لإيصال الفكرة لتلاميذه وأن الوطن
مثل الأم وهم الأبناء.
يشرح لهم معنى الإنتماء، ويحدثهم عن ضرورة تعزيز وتنمية القيم
الوطنية ووجوب العمل والتفاني في خدمة الوطن من باب البِّر ورد الجميل.
ثم يعرّف لهم الولاء للحفاظ على كيان الوطن والدفاع عنه وحمايته
من الأخطار، لأن زوال الأوطان يؤدي إلى تشرد الشعوب.
يعود الطفل إلى أهله وبيئته وهو يتغنى بحب الوطن ويردد
"الكويت أمنا" وعاش الأمير، فيصطدم بواقع يناقض كل ما تعلمه ويجتث ما غُرس
في قلبه من حب للوطن.
يسمع والده يشتم السلطة، وأخاه الكبير يكرر دائماً
"هـ الديرة ما فيها رياجيل، هذي ديرة مره وبقره".
وأمه تطلب من والده تأمين مستقبلهم بمنزل في تركيا أو البوسنة
أو الإمارات والسعودية لأن هـ الديرة زايلة.
يخرج إلى الشارع فيجد أقرانه يكررون كلاماً مشابهاً سمعوه
أيضاً من أهاليهم.
في كل مجلس رجال يحضره الطفل الكويتي قد يشاهد شعارات وطنية
مرفوعة، لكنه لا يمكن أن يستمع أو يشعر بأي أمر إيجابي يشير إلى أن في الجالسين مواطنًا
يحب الوطن.
الأحاديث جلها تدور حول الفساد، والسرقات، والرشاوي، وتصفية
البلد، والقضاء غير النزيه، والفشل الرياضي، ومعاداة رجال الداخلية، والدعوة للعزل
الإجتماعي، والإتهامات المتبادلة، والطعن في الذمم، وتخوين الآخر، وأحاديث كثيرة متشابهة
ومتكررة ومنغمسة في وحل السلبية والتشائم، مما جعل ذلك الطفل يراجع نفسه وينكر كل ما
تعلمه في المدرسة مكذباً مثاليات أستاذه إستناداً إلى ما سمع ورأى.
يكبر الطفل قليلاً ويتفكر وينظر من حوله، فلا يجد في أهله
وبيئته ومجتمعه ما يشير إلى حقيقة حب الوطن والإنتماء له والولاء، بل على النقيض يجد
أن الجميع يعمل على هدم الوطن وضرب هذه الأم كلٌ بطريقته وأسلوبه.
هذا يضربها بعلم وذاك بجهل
هذا يضربها لأجل إيران وبشار وحزبه
وذاك يضربها إنتصاراً للإخوان ومرسي وأردوغان
هذا يضربها بإسم السياسية وذاك بإسم الحريات
هذا يضربها كرهاً في الشيوخ
وذاك يضربها محاربةً للتجار
هذا يضربها حقداً على القبائل
وذاك يضربها بغضاً في المذهب السني أو الشيعي
هذا يضربها نكاية بالحاكم
وذاك يضربها تنكيلاً بالشعب
وهكذا / الأكيد أنها ما تدري من طقّاقها
ولأن المرء ابن بيئته فمن الطبيعي أن يتأثر أطفالنا بنا فنحن
بيئتهم وقدوتهم، أي أننا على موعد مع نشوء جيل عاق عاصٍ، فلا نستغرب مستقبلاً أن يضرب
الطفل الكويتي أمه التي إحتضنته وربته وعاش في كنفها آمناً مطمئناً.
*
خلاصة القول:
الوطنية ليست شعاراً، الوطنية شعورٌ بالإنتماء وحبٌ وإخلاص
/ والوطن منزل