2014-12-31

طقّاق أمه

في أحد مناهج المرحلة الإبتدائية درس بعنوان "الكويت أُمنا"، يهدف لغرس حب الأرض والوطن في نفوس الأطفال، ويعلمهم كيف أن هذه الأم احتضنتهم، وأسبغت خيرها عليهم، ومنحتهم الأمان.
يجتهد المعلم في المدرسة لإيصال الفكرة لتلاميذه وأن الوطن مثل الأم وهم الأبناء.
يشرح لهم معنى الإنتماء، ويحدثهم عن ضرورة تعزيز وتنمية القيم الوطنية ووجوب العمل والتفاني في خدمة الوطن من باب البِّر ورد الجميل.
ثم يعرّف لهم الولاء للحفاظ على كيان الوطن والدفاع عنه وحمايته من الأخطار، لأن زوال الأوطان يؤدي إلى تشرد الشعوب.
يعود الطفل إلى أهله وبيئته وهو يتغنى بحب الوطن ويردد "الكويت أمنا" وعاش الأمير، فيصطدم بواقع يناقض كل ما تعلمه ويجتث ما غُرس في قلبه من حب للوطن.
يسمع والده يشتم السلطة، وأخاه الكبير يكرر دائماً "هـ الديرة ما فيها رياجيل، هذي ديرة مره وبقره".
وأمه تطلب من والده تأمين مستقبلهم بمنزل في تركيا أو البوسنة أو الإمارات والسعودية لأن هـ الديرة زايلة.
يخرج إلى الشارع فيجد أقرانه يكررون كلاماً مشابهاً سمعوه أيضاً من أهاليهم.
في كل مجلس رجال يحضره الطفل الكويتي قد يشاهد شعارات وطنية مرفوعة، لكنه لا يمكن أن يستمع أو يشعر بأي أمر إيجابي يشير إلى أن في الجالسين مواطنًا يحب الوطن.
الأحاديث جلها تدور حول الفساد، والسرقات، والرشاوي، وتصفية البلد، والقضاء غير النزيه، والفشل الرياضي، ومعاداة رجال الداخلية، والدعوة للعزل الإجتماعي، والإتهامات المتبادلة، والطعن في الذمم، وتخوين الآخر، وأحاديث كثيرة متشابهة ومتكررة ومنغمسة في وحل السلبية والتشائم، مما جعل ذلك الطفل يراجع نفسه وينكر كل ما تعلمه في المدرسة مكذباً مثاليات أستاذه إستناداً إلى ما سمع ورأى.
يكبر الطفل قليلاً ويتفكر وينظر من حوله، فلا يجد في أهله وبيئته ومجتمعه ما يشير إلى حقيقة حب الوطن والإنتماء له والولاء، بل على النقيض يجد أن الجميع يعمل على هدم الوطن وضرب هذه الأم كلٌ بطريقته وأسلوبه.
هذا يضربها بعلم وذاك بجهل
هذا يضربها لأجل إيران وبشار وحزبه
وذاك يضربها إنتصاراً للإخوان ومرسي وأردوغان
هذا يضربها بإسم السياسية وذاك بإسم الحريات
هذا يضربها كرهاً في الشيوخ
وذاك يضربها محاربةً للتجار
هذا يضربها حقداً على القبائل
وذاك يضربها بغضاً في المذهب السني أو الشيعي
هذا يضربها نكاية بالحاكم
وذاك يضربها تنكيلاً بالشعب
وهكذا / الأكيد أنها ما تدري من طقّاقها
ولأن المرء ابن بيئته فمن الطبيعي أن يتأثر أطفالنا بنا فنحن بيئتهم وقدوتهم، أي أننا على موعد مع نشوء جيل عاق عاصٍ، فلا نستغرب مستقبلاً أن يضرب الطفل الكويتي أمه التي إحتضنته وربته وعاش في كنفها آمناً مطمئناً.
*
خلاصة القول:
الوطنية ليست شعاراً، الوطنية شعورٌ بالإنتماء وحبٌ وإخلاص / والوطن منزل

2014-12-05

باص أبو سعد

يقول الراوي / ذهبت لأعود صديقاً لي يرقد في المستشفى، وأثناء جلوسي عنده كنت أسمع ضحكاً مبالغاً فيه يصدر من زوار مريض الغرفة المجاورة، فسألت صاحبي عن ذلك
فقال: لا أدري، الذي أعرفه فقط أن إسمه أبو سعد، وكل من يدخل إليه يخرج ضاحكاً بهذه الطريقة!
يقول الرواي / إنتابني فضول شديد لمعرفة حكاية أبو سعد فذهبت إلى غرفته ورأيت شخصاً يغطي الجبس كامل جسمه ولا يظهر منه سوى وجهه!
سلمت عليه وتحمدت له بالسلامة، فرد علي ودعاني للجلوس، وبمجرد جلوسي قلت له: بصراحة أنا جئت فقط لأعرف حكايتك وسبب خروج الناس من عندك ضاحكين.
ابتسم أبو سعد وقال: أبشر، سأحكي لك قصتي رغم أنني كررتها أكثر من 10 مرات اليوم.
الذي حدث أنني رأيت في المنام أن القيامة قامت وحُشر الناس في ساحة كبيرة فيها باصات كثيرة تقف على شكل مجموعتين كل واحدة منهما في جهة.
ثم جاء رجل برفقته حرس ومعه كشوفات ينادي بأسماء أهل الجنة ويأمرهم بالإتجاه إلى الباصات التي تقف في يمين الساحة، وينادي بأسماء أهل النار ويقودهم الحرس إلى الباصات في اليسار.
يقول أبو سعد: كنت أستمع إلى المنادي وأنا متوقع أن أكون من أهل النار حتى ذكر إسمي مع أهل الجنة، فركضت غير مصدق وصعدت إلى أقرب باص وجلست حتى فرغ الرجل من الكشوفات وإمتلأ الباص الذي أنا فيه وتحرك السائق وأنا أكاد أطير من الفرح وأسابق الزمن للوصول للجنة.
بعد أن قطعنا مسافة لا بأس بها مررنا على لوحة إرشادية مكتوب فيها (النار 100 كم)!
لم أهتم بها فأنا في باص الجنة ومن المؤكد أنه سوف يسلك الطريق الصحيح عندما نقترب.
بعد نصف ساعة ظهرت لوحة أخرى مكتوب فيها (النار 50 كم)!
شعرت بالقلق بعض الشيء، لكنني فضلت الصمت والإنتظار.
ثم رأيت لوحة ثالثة مكتوب فيها (النار 30 كم)
ثم رابعة تقول (النار 20 كم)
إلتفت إلى الناس من حولي فإذا وجوههم عابسة!
سألتهم: الباص هذا وين رايح؟
قالوا: رايح للنار
!
إنصدمت وقلت: لكن إسمي كان من أهل الجنة!
قالوا: خلاص يا حبيبي باقي 10 كم ونصل إلى النار.
صرخت وقلت أنا من أهل الجنة وأكيد ركبت باص غلط!!
وبدأ ظهور اللوحات يتسارع
النار 5 كيلو
النار 4 كيلو
النار 3 كيلو
النار 2 كيلو
النار 1 كيلو
صرخت وقلت: يا ناس أنا من أهل الجنة مابي أروح للنار / فقال أحدهم: لا تزعجنا روح كلم سائق الباص.
فركضت إلى مقدمة الباص أصرخ في السائق: وقّف وقّف، لكنه لم يلتفت إلي ولم يعرني أي انتباه / فلما وصلت إليه ونظرت في وجهه كانت الصدمة الأكبر!!
سائق الباص كان الشيطـــان !
إمتلأ قلبي رعباً وضاق بي المكان فقفزت من نافذة الباص فوجدت نفسي في المستشفى حيث أخبرتني زوجتي أنني كنت أصرخ وأنا نائم "النار النار" وأنني رميت نفسي من نافذة غرفتي في الدور الثاني ووقعت فوق مظلة السيارات وتكسرت عظامي!
*
خلاصة القول:
قبل أن تركب الباص... إعرف جهة المقصد، وتأكد من هوية سايق الباص.
.

2014-12-03

المعارضة طير كبير

 أستخدم لفظ "معارضة" للإستدلال فقط، فأنا لا أؤمن بوجود معارضة حقيقية تحمل فكراً سياسياً وتعمل وفق مبدأ ثابت أو تتبنى برنامجاً إصلاحياً هدفه صالح الوطن والمواطن.
وأتحدث هنا عن المعارضة بالمعنى الذي تحمله هذه الكلمة لغةً واصطلاحاً.
المعارضة الحقيقية غير موجودة في الكويت، وما لدينا ليس سوى معارضة موقف، أو مخالفة أشخاص، وغالب ما تمارسه الكتل البرلمانية أقرب إلى المساومة التي لا تخلو من الغزل السياسي للحصول على مكاسب محدودة، كما أن كثير من النواب يعمل بعقلية المرشّح فيظهر بصورة المعارض فقط ليسترضي الحد الأدنى من طموح المواطن الناخب.
لم يتغير النهج الحكومي خلال الـ 3 عقود الماضية، مع توقف كامل للتنمية بشتى مجالاتها، ومع ذلك نلاحظ تبدل مواقف الكتل السياسية خلال تلك السنوات حيث تتبادل أدوار المعارضة والموالاة فيما بينها بحسب إلتقاء وتقاطع مصالحها مع الحكومة، وكذلك يفعل كثير من النواب المستقلين.
لقد كانت المعارضة وما زالت مجرد ظاهرة تبرز وتختفي بحسب المواقف والأشخاص.
 سوف نستدل ببعض المواقف والأسماء ونبدأ بمجلس 85 الذي يعتبر من أقوى المجالس وأشرسها، وقد ضم أغلبية معارضة كادت تطيح بأكثر من وزير فكان أن لجأت الحكومة إلى حل ذلك المجلس حلاً غير دستوري.
لو نظرنا لبعض الأسماء المعارضة والتي كانت سبباً في حل مجلس 85 لوجدنا أنها تحولت إلى الموالاة في فترات لاحقة، بل أن عدداً منهم قَبِلَ العمل مع الحكومة - التي إستمرت على نهجها -  مثل الوزير السابق أحمد الربعي والوزير السابق أحمد باقر، والوزير السابق مشاري العنجري، والوزير السابق جاسم العون، والوزير السابق راشد الحجيلان، ومستشار رئيس مجلس الوزراء الحالي مبارك الدويلة.
وأيضاً راجعوا أسماء بقية المعارضين في مجلس 85 وأخبروني: هل بقي منهم معارض؟!
عادت الحياة البرلمانية مرة أخرى في عام 1992 وبرزت أسماء معارضة  جديدة كانت محل تقدير ودعم الشارع السياسي الكويتي مثل: عدنان عبدالصمد، والقوي الأمين خالد العدوة، وعبدالله الهاجري، عبدالمحسن جمال، مشاري العصيمي، محمد شرار وغيرهم.
ولكن / هل بقي منهم معارض؟
 ثم جاء مجلس 96 وظهرت حدس بثوب المعارض لكنها ما لبث أن نزعته بسرعة لتتحول إلى كتلة موالية للحكومة إلى ما بعد تغيير الدوائر، ثم تعود مرة أخرى بعد قرابة الـ 10 سنوات لتلبس ثوب المعارضة البالي بعد طلاقها من الحكومة إثر خلاف الداوكيمكال.
ولننتقل إلى كتلة العمل الشعبي والتي كانت تضم أحمد لاري وعدنان عبدالصمد وحسن جوهر وأحمد السعدون ومسلم البراك ومحمد الخليفة.
هل كانت هذه الكتلة تحمل فكراً معارضاً كان سبباً في هذه التوليفة وهذا التجمع؟
الذي يظهر أنها إجتمعت على مصلحة، فبمجرد فصل النائبين لاري وعبدالصمد من الكتلة بسبب حادثة تأبين مغنيه تحول الإثنان إلى صف الحكومة كما أن حسن جوهر خرج من التكتل إحتجاجاً على موقف فصلهما.
ثم تدور الأيام ويتحول لاري وعبدالصمد إلى صف المعارضة في مجلس فبراير 2012 وعلى الجانب الآخر تقف كتلة العمل الشعبي تحمي الريّس ووزرائه من إستجوابات المعارضة الجديدة!
والآن / هل لدينا معارضة حقيقية تحمل فكراً سياسياً، ولديها رؤية وبرنامج عمل إصلاحي جدير بالإحترام؟
شخصياً لا أرى ذلك، بل أننا لا نملك أبجديات المعارضة، وخير دليل على ذلك ما وصلت إليه بعض الكتل السياسية من عزلة تسبب بها بعض من أسند إليهم الأمر، حيث لم يتركوا هامشاً للمناورة والحوار مع الحكومة التي وصلت إلى النهائي بعد إنسحاب الفريق المنافس!
فككوا نهج
إنقسموا في التحالف
إنسحبوا من حزب الأمة
تخاصموا في أغلبية 2012
إختلفوا في التكتل الشعبي
ثم خرجوا من إئتلاف المعارضة وما سكروا الباب وراهم!!
أيها الأخوة / نحن لا نقف في صف الحكومة، نحن نعي مدى القصور، وحجم الفساد، وخطورة الأوضاع، لكننا قرأنا في التاريخ، وعلمتنا الأحداث من حولنا أن تغيير نظام الحكم القديم إلى غيره يعني تغيير إلى المجهول وبداية فوضى ستؤدي حتماً إلى نهاية دولة، كما أننا نثق أن هذه الحكومة في كل أحوالها أرحم بنا من "أي قادم".
لذلك / كنا نقول دائماً:
" حكومةٍ تعرفها ولا معارضةٍ تجهلها
نحن مع الإصلاح وندعم من ينتهجه بغض النظر عن الأسماء، والإصلاح يكون من الداخل
*
خلاصة القول:
المعارضة طير كبير، له جناح وما يطير
!!
.

خير في بطنه شر

يسمّونها الزاوية الميتة؛ تلك الزاوية التي لا تستطيع مشاهدتها من خلال المرآة الوسطى بالسيارة، أو مرآة السائق الجانبية، ومكانها خلف الجانب الأ...