2015-02-26

شيطان الحماطهْ

الشعور بالحنين للوطن الأم إحساس عميق، غالباً لا يحسن عامة الناس التعبير عنه لفظاً.
مثلاً / عندما تزور أرض أجدادك - في نجد والحجاز والجنوب - ينتابك إحساس غريب ويختلج في صدرك شيء لا تعلم حقيقته، فتعجز عن التعبير عنه، لكنك تعلم في داخلك أنه شعور جميل، تماماً مثل شعور ناصر القصبي عندما يقول: (أحس بشي في صدري يدغدغني بس مدري وش هو)!!
المهم / المنطق يقول أن المواطن الكويتي -القبلي تحديداً- يميل بالفطرة إلى تلك البقعة التي أصبحت بعده كياناً عظيماً إسمه المملكة العربية السعودية، فأرضها ساسه ومسقط راسه، وفيها أهله وناسه، ثم أنها عمقه الإستراتيجي، وقبل كل شيء وبعده هنالك مرجعيته الدينية.
من غير المنطقي أن كل ما سبق سقط - بسهولة - من إعتبارات شريحة ليست بالقليلة من أبناء القبائل في الكويت، وقد حدث ذلك مرتين، أولاهما كان في فترة ما قبل الغزو العراقي للكويت، وكان ذلك بسبب تفاهة الكورة وأهلها، وتنافساتها، وممارسات القائمين عليها، والتي أوصلت الشباب إلى درجات متقدمة من الخلاف والكراهية وصلت أحياناً إلى حد الفتنة، لكنها إنطفأت بحمد الله، بسبب المعروف الذي وضعته المملكة وشعبها في بطن الكويتيين بموقفها الخالد من الغزو العراقي.
بعد 20 عاماً من صفاء النفوس والهدوء والوئام، تسبب اللئام في سقوط تلك الإعتبارات للمرة الثانية، لكن الأمر مختلف تماماً هذه المرة، فأبناء القبائل أقحموا أنفسهم في قضية لا ناقة لهم فيها ولا كورة!
القضية باختصار:
الغرب يعيد رسم خريطة الشرق الأوسط بما يتلائم ومصالحه، فصنع الثورات العربية، مستغلاً خبثاء الحزبية، ومن خلفهم أدعياء الحرية من الشعوب الغبية. انتهى
طيّب / وش دخّل جنابك في الموضوع يا نجدي؟
أيش بك على المملكة يا حجازي؟
وحتى أنت يا الجنوبي صرت عليها مثل شيطان الحماطه!
*
((تشهد هذه الفترة توافقاً وعلاقات طيبة وصلت إلى أعلى درجاتها بين حكومة بلدنا الكويت وحكومة بلدنا الثاني المملكة العربية السعودية، وتواد بين الشعبين، لكن كلاب الأحزاب ومن خلفهم بعض الأذناب يأبون إلا شذوذا))
*
خلاصة القول:
"ثوري خبيث العمل في بلادي وزينٍ لمن يستعيره"!
.

2015-02-12

عبيد الوسمي كتلة لوحده

لو خاض د. عبيد الوسمي إنتخابات مجلس الأمة في ظل نظام الصوت الواحد فحتماً لن يكون له نصيب في صوتي، كذلك لن يكون ضمن أولوياتي في التصويت لو عدنا إلى نظام الـ4 أصوات أو تعدل النظام إلى صوتين، فكثير من هم أولىٰ عندي من عبيد بحسب القاعدة التي أنطلق منها في إختيار المرشح الأكثر توافقاً مع ثوابتي ومبادئي وقناعاتي، لكن هذا لن يمنع أن أصوت له يوماً - عطفاً على المتغيرات المستقبلية المتعلقة بالمواقف والقناعات التي تحكمها الثوابت الدينية والمبدأ العام - وربما يكون التصويت له من باب الضرورات تبيح المحظورات، أو ربما من باب "حدّني عليك صرخوه"!
هذا مع يقيني بأن نجاح عبيد في أي إنتخابات لا يحتاج سوى لتسجيل إسمه ضمن قائمة المرشحين وانتظار الإعلان الرسمي للنتائج.
المهم / الإختلاف جوهري وعميق بيني وبين الدكتور عبيد، وأقف منه إلى الجانب الآخر البعيد تماماً في قضايا كثيرة مثل قانون الأحزاب، والحكومة المنتخبة، والثورات العربية، ومفهوم الحريات.. ودرع الجزيرة!
في ذات القضايا أيضاً أختلف مع كثير غيره من أفراد وأحزاب وكتل، لكن "يبقى عبيد كتلة لوحده"، وعقلٌ يحمل فكراً ينطلق من مبدأ ثابت ورؤية متزنة كانت كفيلة بعدم وقوعه في تناقضات كما هو حال كثير من السياسيين.
لدى عبيد الوسمي الكثير ليقدمه، وأفضل ما قدمه حتى الآن - من وجهة نظري - أنه أحدث توازناً مطلوباً في المعادلة السياسية، وأسقط ورقة التوت عن أصحاب المبادئ المطاطة، والمواقف الزائفة؛ حين كشف لكثير من الناس، ومن حيث لا يعلمون، أنهم كانوا في غيبوبة فكرية بسبب وقوعهم تحت تأثير "بروباجندا" أحادية المنظور، ضللهم أصحابها وخدعوهم بأنصاف الحقائق، فانقادوا لهم بالسير في إتجاه واحد لسنوات طوال حتى ظنوا أن لا طريق غيره!
ما يواجهه عبيد الوسمي اليوم من عداء وهجوم متكرر وتخوين وشتم ليس بسبب إختلاف حول قضية سياسية، أو عقائدية، أو فكرية، أو حتى إنتخابية، فهو يتفق مع خصومه في كل هذا تقريباً، وما لا يتفق معهم فيه فإنهم لا يختلفون!
لكن هؤلاء الخصوم قد بلغ فيهم العداء مبلغاً بعيداً إلى درجة أنهم وقفوا إلى جانب قناة الجزيرة نكاية في عبيد الذي أراد حمايتهم وإخبارهم أن الأمن الإستراتيجي خط أحمر، ورغم أنه أفشل مخطط القائمين على القناة حين أرادوا إستغلال خلافاتنا الداخلية وتجييرها لحساب أجندتهم الخبيثة إستناداً إلى تسريب إن صدق محتواه فلا تأثير له على العلاقات الدولية، وإن كذب فمن الغباء التعليق عليه.
إذن / لماذا كل هذا العداء؟
وما سبب كل هذا الهجوم، والتخوين، والتشكيك، والتشبيح في كل مناسبة؟
السبب أن عبيد سأل الناس:
"تعرفوا إيه عن المنطق؟"
وأنه قال لهم:
يا عرب يا هووه، هناك طريق آخر، أقصر مسافة، وفيه ليتات!
وهذا ما أغضب البروباجنداوية الذين يحرّمون على الآخرين كل طريقٍ لا يمر حارتهم!
*
خلاصة:
عبيد كتلة لوحده
.

2015-02-04

الدِّيشْ وأكابر قريش

1*
عمرو بن هشام المخزومي؛ سُمّي أبا الحكم لحكمته ورجاحة عقله، وكان ذلك سبباً في دخوله دار الندوة وهو في الـ25 من عمره، ومن المعروف أن دار الندوة كانت مقتصرة على أصحاب الرأي والقرار من حكماء وأكابر قريش ممن تجاوزت أعمارهم الـ50 سنة. / مات كافراً!
2*
عتبة بن ربيعة؛ أحد سادات قريش الذين كان يرجىٰ إسلامهم لما تميز به من رجاحة العقل، كان رزيناً، مدركاً، يقيس الأمور بميزانها الصحيح، قال الرسول صلى عليه وسلم: إن كان في القوم خير فصاحب الجمل الأحمر، يقصد عتبة بن ربيعة. / مات كافراً!
3*
الوليد بن المغيرة؛ من أغنى أغنياء قريش وأكثرهم سخاءً، كان يطعم الحجيج لأربعين يوماً متصلة، يذبح لهم في كل ليلة 10 من الإبل، وكان يكسو الكعبة عاماً والقبائل مجتمعة تكسوها عاماً، فسمّي بالوحيد. / مات كافراً!

رجالٌ نالوا شرف النسب، وعلو الشأن، وارتفاع القدر والمنزلة، وتميّزوا برجاحة العقل، وسداد الرأي، والدهاء، والعبقرية، والبلاغة، ولم يكن فيهم جبان ولا بخيل.
تجاوزت شهرتهم حدود بلدهم مكة إلى أقاصي جزيرة العرب، ووصلت إلى بلاد فارس وبلاد الروم، في زمنٍ كانت الشهرة فيه بالأفعال لا بإفتعال البطولات أو بعدد الفلورز!
6*
الدّيش بن لُحيج؛ نكِرة ويقال أنه من قريش، تخصص بالقيل والقال.
والآن يحضر السؤال!
كيف غابت هذه العقول عن إدراك الحق؟
كيف لم يسعفهم إتزانهم وعقلهم الراجح في معرفة الحقيقة؟
كيف كفروا بالله الخالق، وكذّبوا ما أُنزل عليهم من القرآن على لسان أصدق قريش وأمينها؟  
ألم يتفكّروا؟ بلىٰ!
قال تعالىٰ:
"إنه فكّر وقدّر، فقُتل كيف قدّر، ثم قُتل كيف قدّر، ثم نظر، ثم عبس وبسر، ثم أدبر واستكبر".
كانوا يملكون العقول، لكنهم ضلّوا، وأضاعهم الجهل، والإستكبار، والحسد، وحب الرئاسة.
فَقَدَ عَمرو بن هشام حكمته فصار أبا جهل، وهلك عتبة والوليد كافرين، أما أبو سفيان وعمرو بن العاص - رضي الله عنهما - فقد إحتاجا إلى 20 عاماً لإتخاذ القرار الصحيح وإختيار طريق النجاة، فأفلحا وإن كان متأخراً.
وأما الدّيش بن لحيج فكان يقول: "أنا تبع لسادات قريش أعبد ما يعبدون، وأكفر بما يكفرون"، فعاش إمّعة / ومات كافراً.
والآن يحضر السؤال الثاني:
لو عشت في ذلك الزمان وكنت أحد أفراد قبيلة قريش بداية الدعوة، فمن ستكون؟
قد تكون سيّدهم... فتستكبر،
وقد تكون حكيمهم... فتجهل،
وقد تكون داهيتهم... فتضل،
وربما كنت أحقرهم فتعيش تابعاً وتموت ضالاً...
وقد يوفقك الله سداد الرأي وطريق الصواب فتهتدي مع القلّة السابقين للإيمان.
اليوم / ونحن في السّعة و"في البراد" نقرأ كتب التاريخ ونتسائل باستغراب: كيف كفروا بالله، والرسول صلى الله عليه وسلم بينهم يرشدهم طريق الهداية؟!
وفي الحقيقة لو أننا كنا معهم لكان كثير منا أبو جهل وأكثرنا الدِّيش بن لُحيج!
فالحمد لله الذي فطرنا على الإسلام ولم يكلنا إلى عقولنا القاصرة التي تعجز اليوم عن التفريق بين الحق والباطل رغم أننا وُجِدنا في زمنٍ قد لا يعذر فيه أحدٌ من جهل.
*
خلاصة القول:
يا علي لا جيت العرب لا تجي ديش!
*

خير في بطنه شر

يسمّونها الزاوية الميتة؛ تلك الزاوية التي لا تستطيع مشاهدتها من خلال المرآة الوسطى بالسيارة، أو مرآة السائق الجانبية، ومكانها خلف الجانب الأ...