2013-12-27

إنهم يلعبون الرّسك

مقدمة :
" الأوطان كـ الأسنان / نادراً ما تسقط بسبب الحوادث والأخطار الخارجية "
- السوس الذي ينخرها من الداخل أشد خطراً عليها . *

أما بعد :
إنهم يلعبون الرِّسك ، حاصروا السعودية وشقيقاتها الـ 3 من كل الجهات ، لكنهم لا يستطيعون أن يعلنوها حرباً صريحة ، فالسعودية قبلة المسلمين ( الكعبة )  والحرب عليها حرب على الإسلام ، وأشد ما يخشاه الكفّار هو إعلان الجهاد من قبل قائد المسلمين الذين سيرخصون أرواحهم  في الدفاع عن مقدساتهم التي هي هدف معلن لأعداء الدين كما ورد على ألسنة بعضهم .
إنهم يعلمون أن إعلان الجهاد سيشعل العالم رعباً ، ولن ينام كافر إلا على صوت الرصاص والمتفجرات ورائحة الموت ، وهذا مالا يطيقه الغرب وأذنابهم في المنطقة .
لذلك هم يستعينون بالمواطن السوسة لينخر الوطن من الداخل بإسم الحريّات والديموقراطية ومحاربة الفساد والمطالبة بالمستحقات والمكتسبات والحقوق ويرفعون شعارات لقضايا مستحقة لكن بنوايا خبيثة لأهداف أشد خبثاً تنتهي بهدم أركان الدولة .

المواطن السوسة يعمل على التفريق بين المواطن المدني والمواطن رجل الأمن لإسقاط هيبته ، وتخوين القضاء لإيصالنا إلى مرحلة عدم إحترام أحكامه وبالتالي عدم الإعتراف بها ، كذلك يطعن في علماء الدين حتى لا تبقى لنا مرجعيات نلجأ إليها ، وتأتي المرحلة الأخطر وهي تقويض نظام الحكم ، وحينها يدعو القائد للجهاد فلا يلبي نداءه أحد !!

إنهم يلعبون الرّسك ويكثفون من تواجدهم وتمركزهم في العراق واليمن وعمان وقطر ومصر التي كانت المحور الأهم والأخير في اللعبة الأمريكية الإيرانية التركية القطرية المشتركة التي أفسدها القرار الحازم لأبو متعب الذي ثلم أسنان الكماشة فما عادت قادرة على الإمساك باللقمة وقضمها مما جعل الأمريكان وتوابعهم يعلنون وبشكل مفاجئ عن الخطة البديلة التي بدأت تتكشف صورتها من خلال ترتيبات وإتفاقيات تجرى اليوم على سطح الطاولة بعد أن كانت تحتها .

إنهم يلعبون الرّسك والمواطن السوسة في السعودية يغض النظر عن الخطر الخارجي ، وينشغل بمدح مولاه أردوغان ! والثناء على سياسة وعدالة سيّده تميم ! ونصرة أبناء قبيلته في مصر سمعاً وطاعةً لولي أمره المرشد .

إنهم يلعبون الرّسك وثلث ما تبقى من أغلبية فبراير 2012 وأتباعهم بالفكر والسذاجة منشغلون بأحداث مصر ، بل أن الأولوية لديهم للأصابع الـ4 ، والإهتمام جلّه يدور حول إنقلاب مصر ومعاداة العسكر وشتم السيسي حتى يخيّل إليك أحياناً أن محدثك ليس جمعان أو فلاح إنما مدحت ورؤوف !

إنهم يلعبون الرّسك ونحن منشغلون بالدستور المثقوب والحريّات الزائفة والسرقات التي لا حيلة لنا في منعها لأننا تخلينا عن مسؤولياتنا تجاهها حين لم نصلح أنفسنا ، ولأننا أقصينا أنفسنا من المشهد السياسي .

إنهم يلعبون الرسك أيها الجندي !

*
خلاصة القول :


لو أُعلن الجهاد ما نفر المنافقون


*

2013-11-13

إبراهيم الغانم وربع قرن بالجمارك

قبل 3 سنوات بالتمام والكمال نشر لي مقال بعنوان: ليتك علينا تعود، كتبت في خلاصته 'لن أحزن لرحيل الغانم ولن أفرح بعودته، فلست أخشى شرّه كما أنني لا أرجو خيره'

. وأذكر أن هذه الخلاصة لم تُغضب الغانم بينما أغضبت مجموعة من بطانة السوء مدوّرين اللحايس، لكنهم لم يوضحوا الجزئية التي أغضبتهم في المقال.

ما يشوفون شر، المهم / المقال كان يتحدث عن السيد إبراهيم عبدالله الشاهين الغانم مدير عام الجمارك، وقبل نشره بساعة واحدة صدر قرار من مجلس الوزراء بالتجديد للغانم لأربعة سنوات جديدة ليكمل ربع قرن في إدارته التقليدية للجمارك التي بقيت على حالها، هامدة جامدة كجمود مبنى الإدارة الذي تم بناؤه قبل 25 سنة لكنه ما زال مهجوراً!

يا سادة.. إدارة الجمارك لم يتغير فيها سوى ملامح وجوه موظفيها.
صبيحة نشر المقال جائني إتصال من زميل يسألني: هاه ما نقلوك بعد هالمقال؟؟
وفي المساء إلتقيت بآخر ينتقدني لأنني إمتدحت إبراهيم الغانم في المقال!
الأول لا يعلم أن الغانم لا يتأثر بالنقد الموجه ولا يكترث بما يكتب أو يقال عنه / والثاني لا يحسن القراءة.

أعود اليوم - وبعد أن بلغت في الخدمة الجمركية عتيّا - لأكتب مجدداً عن الإدارة العامة للجمارك على أمل أن يقرأ مقالي مديرها (الحالي أو القادم) لعله يتأثر فيهتم ثم يعمل على إصلاح الخلل وحل المشكلات وتطوير العمل الذي ظل بدائياً طوال ربع قرن من الزمن بإستثناء أن البيان الجمركي اليدوي أصبح آلياً بفضل شركة من القطاع الخاص فازت - بمساعدة صديق - بمناقصة تدور حولها كثير من الشبهات وربما يفسخ عقدها في أول فرصة صحوة ضمير.

عدا البيان الآلي فنحن على طمام المرحوم، ونعمل وفق قاعدة 'وجدنا عليها آباءنا'
قد لا يعلم الكثير من الناس أن الجمارك رغم أنها تحقق إيرادات مرتفعة جداً إلا أنها لا تملك مبنىً واحداً، وهي كالبكتيريا تتطفل على مبانِ الوزارات الأخرى، فمبنى الإدارة العامة الرئيسي عبارة عن ملحق صغير من دور أرضي في المبنى الرئيسي لوزارة المواصلات، وإدارة جمرك الموانئ الشمالية تسكن دوراً علوياً مستأجراً في مبنى إدارة المؤسسة العامة للموانئ، ومبنى إدارة جمرك الموانئ الجنوبية بيت من بيوت شركة النفط في منطقة الأحمدي أشبه بلعبة الأبواب في مسابقة الحصن اليابانية، كذلك مبنى إدارة الجمرك البري مجموعة غرف ودواعيس في منطقة الصليبية لا تصلح لسكن عزّاب.

أما مباني المراكز الحدودية - العبدلي، السالمي، النويصيب - فحدّث وانْحَرِج!، فهي مجرد شبرات وحجرات لا تتسع لأعداد الموظفين وتفتقد لأبسط شروط السكن المحترم. وهي قديمة جداً بقدم المسؤولين الجاثمين على صدور المناصب والموظفين الطامحين الذين يتابعون صفحات الوفيات أملاً في توفر منصب شاغر بموت أحد المعمّرين الذين يرفضون تطبيق قانون منع الإحتكار الوظيفي!

ولأن موظف الجمارك فقد الأمل والطموح في تداول السلطة الجمركية حتى في حدود مناصبها الدنيا، فقد إقترحت سابقاً إستحداث مسميات جمركية جديدة من شأنها رفع معنويات الموظف الجمركي ومنحه سبباً آخراً للعمل غير الراتب. وهذه المسميات هي كالتالي:

مفتش - مفتش أول - خبير تفتيش
مدقق - مدقق أول - خبير تدقيق
مشرف أمن وسلامة - مشرف أول - خبير
فاحص فني - فاحص أول - خبير، وهكذا.

وتمنح إمتيازات مادية وحوافز تشجيعية لكل مسمّى لإبقاء طموح موظف الجمارك على قيد الحياة بعد أن داخله اليأس وأنهكه العمل الروتيني البدائي حيث ما زال يعتمد الطرق التقليدية في العمل ويستعين فقط بحواسه الخمس في أداء عمله، والمتميّز منهم يستعين بالحاسة السادسة!

ورغم أن طبيعة عمل الموظف الجمركي تعرّض حواسّه للأمراض والأوبئة والضجيج إلا أنه لا يتلقى بدلاً مادياً عنها، ولا توفر له وسائل حماية تقيه خطرها

نعم، فالجمارك الكويتية لا تستخدم الوسائل التكنولوجية الحديثة ولا حتى القديمة! ولا تملك أجهزة متقدمة كتلك التي تستعين بها الدول المحترمة في الكشف عن البضائع المهربة مثل السلاح والمعادن والمخدرات والمواد الكيماوية التي تدخل البلاد بسهولة لعدم قدرة المفتش الجمركي على التعامل معها مالم توفر له أجهزة متطورة تساعده في ذلك، كما أن الجمارك لا تملك جهازاً واحداً لكشف العملات الورقية المزوّرة ويعتمد المفتش على خبراته الشخصية المتواضعة، لذلك لا نسمع عن إحباط عمليات تهريب العملات النقدية الورقية من قبل الجمارك.

ورغم أن النائب السابق فيصل المسلم كان قد تقدم بتاريخ 29 سبتمبر 2011 بسؤال تفصيلي في هذا الشأن للوزير الشمالي إلا أنه لم يحصل على رد، وأعتقد أن الشمالي قد طلب إفادة الجمارك التي لم ترد أيضا على الوزير لعلمها أن الأسئلة البرلمانية تنتهي عند تقديمها، وهي في مأمن من رقابة نواب مجلس الأمة الذين إستجوبوا 3 وزراء مالية ولم يدرجوا محور الجمارك في أي منها رغم أن ملف الجمارك المتضخم كفيل بالإطاحة بالوزير من أول ورقة كما قال أحد النواب المتخصصين في حماية المال العام والذي شارك في إستجوابات وزراء المالية الثلاثة، لكن لأجل إبراهيم تكرم الجمارك.

أكتفي بهذا القدر رغم وجود تفاصيل كثيرة لكنني سأعتبرها شأن داخلي يمكن معالجته مع المسؤولين بشكل مباشر.
خلاصة القول: اقرأوا المقال مرة أخرى

2013-10-01

مبارك الدويلة والمعزوفة المسمومة

مقالات مبارك فهد الدويلة ليست مجرد مقالات، فهو ليس مجرد كاتب عمود يخوض في حدث الساعة، ولا مجرد صحفي باحث عن الإثارة، كما أنه يختلف عن زملائه في الحركة الدستورية من الكتّاب والنواب الذين يتعاملون مع الناس بعقلية المرشّح المستجدي لصوت الناخب أو النائب الساعي لإرضاء الحد الأدنى من طموح المواطن البسيط.

الدويلة سياسي معتّق، منظّر، وعقل مدبّر، وهو أحد صنـّاع القرار في الحركة الدستورية حدس.
ما زالت الحكومة تحترمه وتتعامل معه، وما زالت المعارضة تعمل بنصائحه واقتراحاته، فهو يحظى بقبول لدى الطرفين وليس كصاحبه معايد القريتين.
عندما يكتب أو يصرح مبارك الدويلة فإنه يعني ما يقول، ويلمح بالأمور إلى ما ستؤول، وهو في كثير من تصريحاته يعمل على تهيئة أرضية مناسبة لحدث قادم، وتصب إقتراحاته عادة في صالح حركة حدس، لذلك تجده يعمل  جاهداً من خلال مقالاته الموجهة على إيجاد موضع قدم مريح لحدس في ميادين السياسة المحلية .. وحدس مثل أبو سلّوم ما ترتاح ألا خلف مقود القيادة أو بجانب السائق .
 بتاريخ 18 ديسمبر 2012 كتب مبارك الدويلة مقالاً بعنوان ' المعارضة تلبس ثوباً جديداً ' طرح فيه بعض المقترحات، وكنت قد علقت عليه حينها بعدة تغريدات ذكرت فيها أن المقال يكشف - ضمناً - عن قرار قد أتخذ  بتشكيل إئتلاف معارضة جديد بقيادة مشتركة بين حدس وكتلة العمل الشعبي، واستبعاد عدد من رموز المعارضة، كذلك الإستغناء عن بعض شباب الحراك غير المرغوب فيهم ويصعب إستبعادهم بالطرق التقليدية.
بعد أسابيع قليلة من نشر المقال كان مقترح مبارك الدويلة أمراً واقعاً وكما قال تماماً، بالحرف.. والمسطرة ،  حيث تم الإعلان عن ولادة إئتلاف المعارضة - الخديج - حسب السيناريو المقترح، واستبعدت الرموز.. وبعض الشباب !
كان ذلك المقال أشبه بمعزوفة سياسية رقص على أنغامها سياسيون مخضرمون بعضهم محترم جداً، وبعضهم يرى أن الموسيقى حرام، ومع ذلك رقصوا.. رقصة الموت والليلة الأخيرة، فما أصبحوا إلا وهم  بلا حراك!. ولا أدري السبب .. هل كانت المعزوفة مسمومة  أم أنهكتهم الرقصة؟

وقبل أيام شاهدت مقابلة تلفزيونية لمبارك الدويلة تعرفت من خلالها على موقف حركة حدس من المشاركة السياسية في قابل الأيام حيث وضع حداً للتحليل والتأويل حول موقف حدس المتذبذب  من خلال ما ذكر أنه رأي شخصي نصح من خلاله المعارضة أن تضع حداً للمقاطعة وتشارك في أي إنتخابات قادمة بعد تعديل قانون الصوت الواحد داخل المجلس الذي جاء عن طريق الصوت الواحد. !

والمعارضة المعنية هنا هي كتلة إئتلاف المعارضة المكونة من حدس والشعبي!
هذا رأيه الشخصي، لكن رأيي أن ما يقوله مبارك الدويلة ليس مجرد رأي أو نصيحة،  إنه قرار قد أتخذ فعلاً بالمشاركة، وهو إعلان وتحديد موعد لنهاية العمر الإفتراضي لإئتلاف المعارضة.

 وبذلك تعود حدس للمشاركة السياسية ولا عزاء للشعبي وكل من  إرتضى لنفسه العزلة والإقصاء من المشهد السياسي، ولا عزاء للمبدأ المزعوم.  

 نعم.. إنها معزوفة سياسية  أخرى، لكن المخضرمين لن يرقصوا عليها هذه المرة.. فقد أصبحوا بلا حراك.

*

خلاصة القول:
وأنتم تقرأون لمبارك الدويلة.. حاولوا أن تقرأوه!

2013-09-24

السرطان.. والكونوكاربس الشجرة غريبة الأطوار


"هذه المنطقة غير صالحة للسكن لإرتفاع نسبة الإشعاع فيها، لكن موقعها على البحر يخفف نوعاً ما من خطورة تأثير الإشعاعات القاتلة.. عليكم بالإكثار من شرب الحليب".

كان ذلك جزءًا من حوار ونصيحة وجهها ضابط بريطاني قبل 20 سنة لأحد الأصدقاء العاملين في منطقة الشعيبة، وقد رواها لي شخصياً.

وعلى الهامش زودني نفس الصديق بمعلومة يؤكدها ومصدرها مسؤولة في معهد الأبحاث مفادها تشبّع المنطقة الشمالية من الكويت بمادة اليورانيوم المسببة للسرطان، والتي إستخدمتها أمريكا وحلفاؤها في حربهم على العراق، لكن المسؤولة تقول أن لديهم تعليمات مشددة بعدم الإفصاح عن مثل هذه المعلومات، ربما لعدم إثارة الذعر بين المواطنين!

وكأن الحكومة تقول: لا تذعروهم، واتركوهم يموتون ببطء!

الحكومة كعادتها لا تتحمل مسؤولياتها ولا تقوم بدورها في الحد من خطورة التلوث البيئي، الذي تسبب به حلفاؤنا أعداؤنا في تجاربهم إبان حرب العراق!.. فهي لا تقوم بأي إجراءات وقائية تجنب المواطنين خطر الإصابة بالأمراض التي سببتها – وما زالت – تلك الإشعاعات الخطرة، كما أن حكومتنا تغش مواطنيها بعدم التحذير من خطورة التواجد بالقرب من هذه المناطق الملوثة، ولا تقدم برامج توعية تساعد المواطن على حماية نفسه.

يبدو أن صحة المواطن ليست ضمن أولويات الحكومة ولا حتى ثانوياتها وربما لا تدخل ضمن إهتماماتها، ونوابنا الأفاضل ينالهم من الردى جانب، فأطلقهم شنب إكتفى بتقديم سؤال شكلي – لم ينتظر رده – عن هذه الكارثة بعد إلحاح من أحد أقرباء مريض سرطان لم توافق الحكومة على سفره للخارج بحجة توافر علاجه في الكويت! وش علاجه يا حجّي.. الناس تموت بين أيديكم وأنتم شركاء في قتلهم.

يا نوابنا الأفاضل، والكلام موصول للغير أفاضل أيضاً.. صحة الإنسان أولى من المال العام وكوادر الموظفين، وأولى من الكرامات الوهمية والحريات الزائفة والحكومة المنتخبة مدري الشعبية.

وعلى طاري نوابنا فقد إلتقيت بأحد النواب السابقين أثناء زيارتي لأخ عزيز أصيب بمرض السرطان – نسأل الله له الشفاء.. وهذا الأخ كانت له وقفات تبيض الوجه مع ذلك النائب السابق الذي لم يكن – وبكل أسف – على قد الهقوة – وتردّى في صاحبه - في مثل هذه الظروف الصعبة، فقد إكتفى بالزيارة وبعض الوعود التي لم يفي بشيء منها حتى الآن..

وهكذا هم!..

لا تنشط خلايا الطيب عندهم إلا قبيل الإنتخابات!

وهم أشبه بشجرة الكونوكاربس التي تهتم الحكومة بزراعتها وكذلك يفعل كثير من الناس إعتقاداً منهم بفائدتها مغترين بلونها الشبيه بلون كرسي المجلس، وسرعة نموها الذي يذكرنا بسرعة نمو حسابات القبيضة، كما أنها شجرة زينة يسهل تشكيلها كأصحابنا النواب الذين تشكّلهم الحكومة بما يتناسب وفسادها، والكونوكاربس أيضاً تستخدم كساتر جيد مثلما تستخدم الحكومة نوابنا في حمايتها من الإستجوابات، والخلاصة أن الإثنين ضررهما أكثر من نفعهما وإن بدى لكم غير ذلك.

******

أثناء بحثي عن مضار الشجرة غريبة الأطوار الكونوكاربسconocarpus أو الدماس كما يطلق عليها البعض، قرأت خبراً وردت فيه هذه الجملة المرعبة:

”الكونوكاربس تنشط الخلايا السرطانية”..

هذا الخبر ينسبه مورده إلى جريدة عكاظ السعودية، لكنني لم أقف على ما يؤكد ذلك كما لا توجد أي إشارات إلى حقيقة تلك المعلومة رغم بحثي المكثف.

لكن ذلك لم يغير رأيي في الشجرة الغريبة الأطوار، فلا زلت أكرهها كرهي للغرقد شجر اليهود.

في بحثي عن هذه الشجرة وجدت أن هناك نوعين منها، نوع أمريكي والآخر سعودي مهجّن، ولها أضرار صحية تتمثل في الإصابة بأمراض حساسية الأنف والشعب الهوائية بسبب تصاعد غازات مضرة منها وتطاير غبار اللقاح..

وتعتبر ثمارها ذات رائحة نتنة ويتجمع حولها البعوض والذباب من الحجم الكبير وهي بيئة مناسبة للحشرات.

كما أنها تتلف أنظمة الصرف الصحي بواسطة جذورها القوية المعتدية بطبيعتها والتي تمتد لمسافات بعيدة بشكل أفقي، ولها القدرة على التوغل داخل شبكات الصرف بحثاً عن الماء مما يتسبب في إغلاقها أو تكسيرها، كما أنها تعمل تشققات في أسفل الجدران وتتلف خدمات البنى التحتية.

بلديات أبو ظبي ودبي والشارقة إستشعرت المسؤولية بعد ثبوت خطورة وضرر الدماس وقامت بحملة توعية لتنبيه مواطنيها من خطورة هذه الشجرة، صاحبتها حملة إزالة لأشجار الكونوكاربس من المناطق السكنية ومواقف السيارات والمماشي وأرصفة المشاة.

ونرجو في الكويت أن تتخذ حكومتنا خطوات مماثلة، لكنني لا أنصح المواطنين بإنتظار تلك الخطوات راجياً أن يبادروا لحماية أنفسهم بإقتلاع هذه الشجرة واستبدالها بغيرها، مع شعوري بأن كثير منهم لن يفعل وسيجد لنفسه أعذاراً كعذر شارب الدخان.. فالإنسان عدو نفسه.

*****

خلاصة القول:
حكومتنا كونوكاربس، ونوابنا كونوكاربس، وكثير من شعبنا كونوكاربس

2013-09-18

علماء السلطة.. وسلق تويتر

الذين أطلقوا لقب الوهابية، ومبتدعو مصطلح الجامية، وكلاب الغرب الذين إخترعوا كلمة إرهاب، كل هؤلاء سواء وهدفهم واحد وهو تضييق الدائرة على فئة معينة من المسلمين وتحييدها في محاولة لعزلها عن مجتمعها، ثم الإستقواء عليها والإستفراد بها للقضاء عليها أو إزاحتها عن الطريق حيث يعتقدون أن هذه الفئة تعيق تحركاتهم وتقف دون تحقيق طموحاتهم السياسية وأهداف ثوراتهم.
عندما يطلقون هذه المصلحات والألقاب يُشعرون عامة الناس من البسطاء السذج أنهم غير معنيون بالأمر وأن الأمر خاص بفئة محددة دون غيرها، وبشكل تلقائي يعتقد البسطاء أنهم خارج محيط الدائرة الضيقة التي رسمها أولئك الخبثاء ويستمرون في الظن أن هذه الدائرة وذلك النقد وتلك الحرب ليست موجهه ضدهم، تماماً كما فعل الإعلام الفاسد في الكويت عندما إستخدم بعض الساقطين والساقطات الذين أوهموا الناس بأن نقدهم وسخريتهم وسبابهم موجه فقط لقبيلة مطير ورموزها دون بقية القبائل، حتى أن أكثر من طيّب قال لي شخصياً: هذا يقصدكم ما يقصدنا!
اليوم يسعى بعض الساقطين من خبثاء السياسة بمعاونة بعض الأغبياء لرسم دائرة جديدة يحيطون بها فئة صالحة من أهليهم وأبناء جلدتهم ليمارسوا عليها حرباً إقصائية، ويلصقون بها تهماً لا تمت لهم بصلة، بل أن مطلقها أولى بها.
الدائرة الجديدة إسمهما علماء السلطة، أو وعاظ السلاطين.
وقبل الإسهاب في الحديث إليكم هذا التعريف:
علماء السلطة هو مصطلح يطلق على مجموعة الأشخاص الذين لديهم قدر من العلم الشرعي ولكن يستعملونه بشكل أو بآخر لخدمة مصالح أمير أو قائد أو زعيم أو سلطان معين حتى وإن كان هذا لا يتماشى مع أخلاقيات ذلك العلم. وفي تعريف آخر هم الذين يلبّسون على العامة من أجل دراهم السلطان وتسيير مصالحهم الخاصة.
وبناء على هذا التعريف وبعد الإستعانة بالسيد منطق، فإن علماء السلطة هم أولئك الذين يعملون لدى السلطة وينالون أجورهم مقابل تنفيذ أعمال تطلبها منهم السلطة أو فتاوى تستصدرها منهم السلطة أو السكوت عن كلمة حق إرضاءً للسلطة، وهم أولئك الذين ركنوا النصوص الشرعية جانباً عندما كانوا شركاء للسلطة في الكويت، وهم أولئك الذين أفتوا لبشار قتل المسلمين سوريا، وهم أولئك الذين أفتوا لمرسي بقتل المتظاهرين في مصر، وهم أولئك الذين مُنحوا 300 ألف سهم بقيمة مليون ونصف ريال في بنك قطري مقابل الإفتاء للسلطة.
والآن لنسأل، من هم علماء السلطة في الكويت؟
طوال فترة ما بعد التحرير وحتى عام 2008 كانت السيطرة مطلقة للإخوان المسلمين على وزارة الأوقاف والإفتاء وبيت الزكاة ولجنة إستكمال الشريعة والبرامج الدينية في تلفزيون وإذاعة الكويت، وحتى بيت التمويل! وكان للأشاعرة والصوفية نصيب من ذلك قسمه لهم أصحاب القسمة، فهل نستطيع أن نقول أن هؤلاء هم علماء السلطة؟
نعم، إن كان هناك من يستحق هذا اللقب فهم أولئك العاملين لدى السلطة المتنفعين من مناصبها وهباتها وأعطياتها ومناقصاتها.
خبثاء السياسة من حركة حدس وكوادرها ومن خلفهم الليبراليين الجدد من أبناء القبائل يحاولون إلصاق هذه التهمة وهذا المصطلح بكل من يتبع منهج السلف رغم أنهم أبعد الناس عن السلطة، كما أن السلطة في الكويت لا تستفتي علماء السلف في شيء، ولا تسمع منهم، ولم يسبق أن مررت الحكومة مشروع فساد أو قراراً ظالماً إستناداً أو إستئناساً بفتوى أو رأي علماء السلف الذين لم يتقرّبوا يوماً من السلطة أو يتنفعوا منها كما فعل الإخوان، لكن خبثاء السياسة وأتباعهم من سلق تويتر يفعلون ذلك إعتقاداً منهم أن مشايخ السلف يؤثرون في الناس ويصدونهم عن الإنضمام لهم في حراكهم وفي ثوراتهم التي تقود إلى الفوضى مما قد يؤدي إلى سقوط السلطة السياسية، وفي مثل هذه الحالات يبرز دور المرجعيات الدينية التي يلجأ الناس إليها، وهؤلاء لا يريدون أن تكون لنا مرجعية حينها!
****
خلاصة القول:
رمتني بدائها وانسلّت!
.

2013-09-11

يتساءلون: هل فشل الحراك؟.. واسأل: ما الحراك!؟

على الساحة المحلية السياسية كان هناك فريقان؛ فريق الحكومة ومن والاها، وفريق المعارضة ومن أيّدها، وبينهما متشابهات!
قبل سنوات قليلة انشقت كتلة سياسية موالية للحكومة وانضمت إلى المعارضة لأسباب ظاهرها الإصلاح وباطنها مسايرة الرغبات الشعبية من أجل استرجاع المقاعد البرلمانية المفقودة بسبب إفراط هذه الكتلة بالموالاة وتفريطها بمستحقات ومكتسبات الشعب الذي عبر عن غضبه من خلال صناديق الإقتراع حين أحجم عن منح صوته لمرشحي تلك الكتلة فنتج عن ذلك سقوط مدو لكتلة الموالاة وتقلص عدد مقاعدها في البرلمان إلى مقعد واحد فقط.
هذه الكتلة انشقت عن الحكومة برلمانياً فقط، فيما استمرت قياداتها في مناصبها الحكومية المرموقة ذات النفوذ الممتد والمتجذر في جميع وزارات الدولة والمؤسسات التابعة لها.
الكتلة هي حدس وكان ذلك تحديداً في إنتخابات 2009 وكنت قد تحدثت عنها في مقال بعنوان: حدس وشعرة معاوية
http://justideaq8.blogspot.com/2013/04/blog-post.html?m=1
ابريل 2013

أثناء ذلك كان عدد من كوادر حدس قد أعلنوا انفصالهم عن حدس الأم في تصريحات ومقالات متزامنة قبل حل مجلس 2006 بفترة بسيطة وبعد إقرار النظام الإنتخابي الجديد بـ 5 دوائر غير عادلة و4 أصوات غير دستورية.
انتهى حراك المطالبة بتغيير الدوائر ليبدأ حراك (إرحل يا ناصر)، وبين هذا وذاك وخلالهما وبعدهما حِراك مطالب وزيادات رواتب وكوادر وحقوق ومكتسبات وحريّات.
وقد لفت نظري حينها أمران، الأول تشكّل لجان وحركات شبابية تتصدر هذا الحراك وتكون بقيادة أحد كوادر حدس المنشقين (شكلاً) عن الحركة، والأمر الآخر أن هناك من كان يسعى دائماً لاستمرار الحراك والحفاظ على سخونته رغم انتفاء أسبابه (المعلنة) في كل مرة، وكأن الهدف الإبقاء على التوتر والتصعيد والتواجد المستمر في ساحة الإرادة، حتى باتت ساحة الإرادة وساحة قصر العدل منبراً سياسياً وملتقىً اجتماعياً وعكاظاً يشد الشباب الرحال إليه كل ليلة ويعودون بحكايات يسردونها بنشوة نصر سمعنا عنه ولم نره، حتى أن أحدهم قال لي مرة: إذهب إلى هناك لتشم رائحة الحرية! وأمور كثيرة مشابهة كانت في حينها في نظر أهلها أشبه بالأعمال البطولية الجليلة، ثم انزاح العسام ولم نجد من ذلك شيئاً.
والحمد لله أن منصة رابعة قد أبتدعت بعدنا وإلا كنا قد جعلنا في ساحتنا رابعة.
المهم أن انضمام حدس للمعارضة وتسليم زمام قيادة الكتل والحركات الشبابية الطارئة بيد كوادر حدس أخرج المعارضة إلى الشارع وأبقاها فيه، حتى أن بعض المتحمسين طرح فكرة غبية لم يكتب لها النجاح والحمد لله وهي "المبيت"!! وش مبيته يا حجّي؟
انتشرت ظاهرة الإعتصام والمظاهرات للمطالبة بالحقوق والمكتسبات التي لم تمانع الحكومة الضعيفة -المِخملة- من الرضوخ للمستحق منها وغير المستحق نزولاً عند ضغط الشارع، بما في ذلك التخلّي عن ناصر المحمد وهو الإنجاز المهم الوحيد الذي تحقق نظراً لإجماع الشعب عليه كمطلب لا خيار فيه في تلك الفترة التي راجت فيها شعارات ومصطلحات جديدة مثل شعار الحقوق تنتزع، وتقليعة جياع كرامة، وعبارة غريبة هي الأكثر إنتشاراً وهي (الأمة مصدر السلطات) والتي كنت أظن أن لها مفهوماً واحداً فقط وهو أن التشريع يكون تحت قبة البرلمان من خلال الأعضاء الذين تنتخبهم الأمة، لكن يبدو أن هناك مفهوماً آخر مغلوطاً يردده البعض دون أن يعي معناه.
ذهب بعض أصحاب المطالب الصادقة إلى هناك، وتواجدوا بشكل دائم، لكن لم يكن لهم نصيب في إدارة الحراك -وإن ظنوا-، فكانوا مجرد ضيوف وسواد حضور يباهي به عريف الحفل وسائل الإعلام -ويزيد من عنده شوي-
كانت القيادة لمن يملك المنصة ويستحوذ على الميكروفون الذي قدّم رانيا وآخرين على حساب نواب المواقف السابقين وأصحاب الرأي الصادقين والنشطاء المخلصين.
أثناء ذلك أيضاً زاد عدد الحركات الشبابية وفي كل حركة هناك حدسي سابق، ثم تشكلت نهج والأغلبية البرلمانية، ثم أطلقوا المقولة الخالدة: لازم نسمع راي الشباب!
ومن هم الشباب؟ شباب الحركات الثمان التي تشكلت في يوم وليلة، وجلهم من شباب حدس المعلومين والمتسترين والمنشقين، بالإضافة إلى بعض الأسماء المحسوبة على الفكر الليبرالي والكتل والتيارات والأحزاب القديم منها والجديد، كما انضم إلى الحراك كثير من المتسلقين أيضاً حتى أصبح الحراك كالباص الوحيد الذي يقود إلى محطة يريد الجميع الوصول إليها فتزاحم الراكبون والمتشعبطون واختلطت مطالب الحراك باختلاط غوغاء الناس ومطالبهم المختلفة المتنافرة، فلا يدري أحد إلى أين يسير، لكنهم بالتأكيد يتفقون على أمر واحد وهو أن الخصم واحد!
كنت أستحضر تجربة الأفغان في بداياتها وأرى رأي العين نهاية الحراك السياسي الكويتي الذي رفضتُ المشاركة فيهم مرتين من خلال دعوات وجهت لي للإنضمام إلى إحدى الحركات الشبابية وكان من ضمن العرض المقدم أن تهيء لي مساحة كافية للتحدث ومخاطبة الجمهور من خلال منبر ساحة الإرادة الذي مُنع منه كثيرون أجدر مني.
وقد أخبرني نائب معارض سابق أنه لم يسمح له بالحديث ولو مرة واحدة رغم تواجده في كل المناسبات.

*****
والآن.. ماذا بعد؟
الكل يتساءل: ما هي الخطوة القادمة..؟ لكن المعنيين بالأمر لا يملكون إجابة رغم تكرار هذا السؤال عليهم، خصوصاً وأن فئة منهم انشغلت بحراك مصر عما سواه في خلطٍ للأولويات أو ربما كشفٍ لها.
عموماً.. أنا أيضاً لا أملك إجابة، لكنني أقدم نصحاًً:
أولاً: الإعتراف بالخطأ
ثانياً: تفكيك إئتلاف المعارضة
ثالثاً: مخاطبة العقول بدلاً من العواطف
رابعاً: معاملة الحكومة كدولة صديقة!
خامساً: لا تنقل الخِرج وفـ الخِرج حيّة

*****
خلاصة القول:
الحراك كان يتنفس أخطاء الحكومة.. فلما توقفت عن الخطأ مات

2013-08-30

المتخندقون.. والإقصاء الإجتماعي


ذكرت أكثر من مرّة أننا نعاني من عقدة الخندقين، أو الفريقين، ويعتقد كثير منا أنه لا يملك خيار الوقوف بالحياد من أي قضية مطروحة أو حدث ساعة.
تصحو صباحاً على قضية بين طرفين متخاصمين تميل بالفطرة أو الإنتماء أو بنظام الفزعة إلى أحدهما أو لأن الآخر من عدوك! وبدلاً من محاولة فهم القضية والبحث عن الحقيقة والوقوف إلى جانب الحق أينما وجد ومع من كان، تجد نفسك مضطراً لتكييف نفسك مع موقف صاحبك ومناصرته كيفما إتفق.. وبالعربي تحاول تركبّها وإن ما ركبت عالجتها بالترهيم.. ثم تختمها بإدعاء أن هذا موقف الأحرار!
كيف تكون حراً كما تقول وتردد وموقفك معروف من كل حدث وقضية قبل أن تكون وقبل أن يُسمع رأيك؟
كيف تكون حراً وأنت مجرد مقطورة تجرها قاطرة في إتجاه واحد معلوم البداية والنهاية.
كيف تكون حراً والحكم لديك قبل المداولة.

الذي يميل إلى موقف الأشخاص دائماً ويكون رأيه تبعاً لهم في كل قضية لا شك أنه لا يعي معنى مقولة علي بن أبي طالب حين قال: (يعرف الرجال بالحق ولا يعرف الحق بالرجال)

مناصرة الأشخاص شيء، ومناصرة قضايا الحق شيءٌ آخر.
في الكويت لدينا متضادات كثيرة تنقسم حولها الجماهير إلى فريقين إثنين فقط، ولا مجال لظهور فريق ثالث محايد!
وهي على سبيل المثال لا الحصر:
معارضة، موالاة
السعدون، الخرافي
مرزوق، طلال
مسلم، عبيد
حر، إنبطاحي!
والإنبطاحي مصطلح سيء اللفظ قبيح المعنى إختاره أحد شخصين، إما جاهل بالمعنى أو خبيث بالفطرة.. ويطلق هذا المصطلح على نائب مجلس الأمة الذي يقف في صف الحكومة ويشكل مع مجموعة نواب آخرين (متبطحين) أغلبية برلمانية تكفل للحكومة تشريع الفساد والعبث بمقدرات البلد وحرمان الشعب من مكتسباته وكثير من حقوقه، كما تعمل هذه الأغلبية على إجهاض إستجوابات المعارضة وحماية أعضاء الحكومة الفاسدين ووأد كل محاولات الإصلاح في مهدها.
تماماً كما كانت تفعل الأغلبية البرلمانية في مجالس 1999 و2003 و 2006 والتي كانت حدس أبرز الإنبطاحيين فيها بمساندة بعض نواب القبائل.
وكما فعلت الكتلة الشيعية وكتلة العمل الوطني في مجالس 2008 و 2009 و 2012.
وحسب تعريف مدّعي الحرية للإنبطاحية فإن الذي حصل في الـ 3 مجالس الأولى والـ 3 مجالس التالية ما هو إلا تبادل أدوار الإنبطاح بين حدس والقبليين من جهة، والشيعة والوطني من جهة أخرى.

****
ربما يقول أحدكم أن هذه المتضادات موجودة في كل عمل سياسي وفي كل مجال في أكثر الدول ديمقراطية وهو تنافس تقليدي وظاهرة صحية قد تسهم في إثراء العمل السياسي وتخدم الصالح العام، وهذا أمر جيد ومقبول، لكن الذي يحدث عندنا أن الأمر تجاوز التنافس السياسي إلى التناحر والعداء ومحاولة الإجتثاث والإقصاء السياسي الذي تجاوز إلى محاولات صريحة معلنة للإقصاء الإجتماعي وممارسة إرهاب فكري ضد الطرف الآخر وأيضاً ضد كل من يقف على الحياد، وهي سياسة شبيهة بتلك التي صرّح بها جورج بوش: إن لم تكن معي فأنت ضدي!
محاولة الإقصاء الإجتماعي التي يمارسها الفريقان المتضادان سياسياً أخطر على المجتمع من تلك التي دأبت الحكومة على العمل بها طوال الأربعة العقود المنصرمة عندما كانت تعمد على زرع الفرقة بين فئات المجتمع لتفرّق ثم تسد.
لقد تعدينا هذه المرحلة بكثير ووصلت الفرقة إلى أبعد من ذلك، وحدث هذا منذ بدء المظاهرات وبعد إتضاح نتائجها وإفرازاتها، وعزز ذلك مرسوم الصوت الواحد، وأبرزه تويتر وإستنطاق الرويبضة وظهور الليبراليون الجدد الذين يمارسون جلد الذات ويجاهرون بإنسلاخهم العقائدي وتمردهم على مجتمعهم المحافظ، كما كشفت الأزمة المصرية خفايا صدور ونوايا زادت من فرقة أهل البيت الواحد.
ومن شواهد الإقصاء الإجتماعي إطلاق مصطلحات وعبارات درجت بين الناس مثل: فداوية، ربع الإسطبل، إنبطاحي، أطردوهم من ديوانياتكم.
وكان أصحاب الخندق الآخر سبّاقون في محاولة إقصاء ونبذ خصومهم إجتماعياً ولديهم مصطلحاتهم الخاصة مثل: لفو، هيلق، عَقَدْ، مؤزمين وغيرها.
كما راجت مسميات وتصنيفات ونعوت سوقية بين الطرفين نكرم القارىء عن ذكرها، رغم أن بعض الجماهير السذّج يرددونها بلا حياء بحجة أنها قيلت فيمن يستحق الذم، وقد تناسى مطلق هذه الألقاب ومرددها أن الكريم يعامل الناس بأخلاقه لا بأخلاقهم.

****
الشعب الكويتي يعاني من عقدة الخندقين حتى في مجال الرياضة العالمية، فهناك فريق برشلونة ويقابله فريق ريال مدريد، ولا عزاء لأتليتكو مدريد.
وفي القضية المصرية من ينتقد الإخوان فهو محسوب على السيسي وحكم العسكر!
ولذلك خرجت تصنيفات إقصائية من نوع آخر كادت أن تخرج الخصوم من الملّة.
وأين كنا قبل السيسي؟ ربما كنا مع الفلول! وقبل الفلول هل كنا مع حسني مبارك! ربما؟
ويتهم البعض من لا يقف مع مرسي بأنه يقف مع الكفار لأنها حرب على الإسلام! وقد سمعت مثل هذه العبارة من شخص تعرفه صالات القمار في فنادق القاهرة حق المعرفة!
لا تخف على الإسلام يا هذا، فالإسلام الذي لم يمت بموت صفوة الخلق لن يموت بسقوط حكم الإخوان.
وهذا لا يعني أننا نقف في صف العسكر أو أننا نؤيد الإنقلاب العسكري..
نعم لم نحزن لسقوط الإخوان وأيضاً لم نفرح بحكم العسكر، لكننا نحزن لإراقة دماء المسلمين وتفرق أمرهم وتشرذمهم وشيوع الفوضى في البلاد والذي بدأ مع بداية الخريف العربي ولن ينتهي بخير إلا أن يشاء الله.
ونحزن أيضاً لقتلى المسلمين في العراق والذين يموتون بمعدل 12 قتيل يومياً، لكنه بالنسبة لكثير منا ليس سوى مجرد خبر.
ونحزن لقتلى المسلمين في أفغانستان وهي أنفس تزهق وليست مجرد عدد.
ونحزن لقتلى المسلمين في اليمن وفي الصومال وفي مالي وفي كل مكان.. لكن هناك من لا يحزنه سوى موت صاحبه ومواليه.

خلاصة القول:
الخندق حفرة عميقة مستطيلة محصنة تستخدم في ميدان القتال.. ونحن لسنا في حرب مع بعضنا يا أخوان!

خير في بطنه شر

يسمّونها الزاوية الميتة؛ تلك الزاوية التي لا تستطيع مشاهدتها من خلال المرآة الوسطى بالسيارة، أو مرآة السائق الجانبية، ومكانها خلف الجانب الأ...