المقاطعة ثقافة، إذا كان الشعب لا يتمتع بها فمن المؤكد أنه
لن ينجح في تطبيق شيء منها على المدى البعيد!
يبتهج البعض بما يعتقد أنه نجاح حملة مقاطعة بانخفاض سريع
في أسعار الأسماك، مؤملاً نفسه باستمرار أسلوب المقاطعة وتطبيقه على سلع أخرى، وقد
غاب عن ذهنه أن هذا النجاح متعلق فقط بطبيعة السمك التي تختلف عن أي سلعة أخرى، من
حيث قابليتها للتلف السريع، ومحدودية أسواق السمك.
أنت تنجح مع السمك لأنه يخيس بسرعة!
وليس كل ما "يخيس بسرعة" تنجح معه المقاطعة، فالخضروات
سريعة التلف لكنها سلعة أساسية لا يُستغنى عنها، وسوقها كبير، و99% من الشعب ما يطيع
فيها!
أنت تنجح مع السمك لأنه سلعة ثانوية بالنسبة لك، وربما تكون
غير مدرجة في سلتك الغذائية أصلاً.
وأنت تفشل مع السلع طويلة المدى لأنها لا تخيس، ولأنك تمل
بسرعة!
جرّب أن تقاطع اللحم، أو الألبان، أو المنتجات الدنماركية،
أو المنتجات الإيرانية! أو أمريكانا، أو KDD، أو سيارات الـ BMW، أو ستاربكس، أو الوطنية للإتصالات.
جرّب مقاطعة مطاعم الوجبات السريعة!
لن تستطيع لأنك لا تملك ثقافة المقاطعة، ولأن مقاطعتك ليست
سوى ردة فعل، ولأنك قريّب مدى، ولأنك مجرد مشارك في هاشتاق، وقد شهدنا تجارب ومحاولات
سابقة ماتت خلال أقل من أسبوع بتوقف صاحب الهاشتاق عن الهشتقة، أو لأن صاحبها اشتهى
ياكل سمك.
منذ عام 2010 شهدتُ وتابعت شخصياً أكثر من 8 حملات مقاطعة
للأسماك تحت هاشتاق #خلوها_تخيس.
هل استمرت أو أثمرت عن شيء؟
على مدى 5 سنوات تابعت تقريباً كل هاشتاقات المقاطعة الفاشلة
التي لم يستمر منها شيء لأكثر من أسبوع، يعود بعدها المواطن للتعامل مع السلع المُحارَبة
وكأن شيئا لم يكن، رغم عدم انتفاء سبب المقاطعة، حتى أن بعضهم جاءت عودته مزدوجة! فاشترى
"سمك إيراني" وبسعر غال!!
لن ينجح الشعب الكويتي بمقاطعات الهبّة، ما دام يرفع شعارات
مقرفة للمقاطعة مثل (خلها تخيس، وخله يعفّن)!!
لن ينجح الشعب بأي مشروع مقاطعة إلا اذا إمتلك الفرد ثقافة
المقاطعة، يعني لازم تكون "ثقافتك منك وفيك".
وأن يصبح لديك مبدأ للمقاطعة تطبقه في حياتك تجاه كل ما يتعارض
معه.
وأن تحمي نفسك وعائلتك ولا تنتظر هاشتاق، وحملات تعلمك متى
وماذا تقاطع.
*
نحتاج إلى وقت طويل للوصول إلى ثقافة المقاطعة، والوعي الإستهلاكي،
وحتى ذلك الحين فليس أمامنا إلا الطلب من إتحاد الجمعيات، ومجالس إدارات الجمعيات التعاونية
بالضغط على التاجر، ومقاطعة بضاعته مرتفعة السعر، وإلزامه بتخفيض أسعار المواد الإستهلاكية،
فالتاجر المورّد لا يرغم أنفه إلا التاجر المستورد.
خلاصة القول:
المقاطعة ثقافةٌ لا تخيس.
،