2010-09-17

خيطان أبوميّة

بتاريخ 6/ 12/ 2007 صرح وزير الدولة لشؤون الإسكان آنذاك عبدالواحد العوضي وقال: '1200 قسيمة في منطقة خيطان تم تثمينها وسيتم طرحها في المزاد العلني قريباً'! وقريباً هذه تعني: من 5 - 10 سنوات عند بائعي الأوهام.
اليوم وبعد مرور أكثر من سنتين ونصف السنة من تصريح الوزير السابق، نكتشف أن قسائم خيطان مازالت في عهدة مجلس الوزراء ولم يتم تسليمها للإسكان حتى تاريخه، مما يعني أن العوضي كان أحد بائعي الأوهام، لأنه صرح بما لا يملك، وقبله كان الوزير بدر الحميدي، وبعده جاءت معصومة، وأخيراً أحمد الفهد الذي يعلق عليه مستحقو الرعاية السكنية آمالا كبيرة، ويعتقدون بقدرته على حل الأزمة الإسكانية، لكنني لن أعتقد معهم إلا بعد مرور سنتين.
لماذا سنتان تحديداً؟ لأن فترة سنتين لا تكاد تكفي لتقييم أداء الوزير بالشكل الصحيح، مع أن وزراء الإسكان لا يستمرون لسنتين في السنوات الأخيرة! ولأن تصريح العوضي جاء بعد أكثر من سنتين من قرار مجلس الوزراء في اجتماعه رقم 4/ 2005 بشأن بيع القسائم المقرر طرحها بالمزاد العلني، والآن وبعد مرور أكثر من سنتين يعود الحديث عن مزاد خيطان في عهد أحمد الفهد.
وهذا يعني سنتين لمجلس الوزراء، وسنتين لعبدالواحد العوضي، وسنتين لأحمد الفهد، وسنتين للبنية التحية، وسنتين للمقاول، والوعد قريباً، إن شاء الله، بحلول 2015.
عموماً مزاد خيطان العلني لأعلى سعر سابقة خطيرة وجريمة حكومية بحق المواطن البسيط، لأن الرعاية السكنية حق من حقوق المواطن المكتسبة، والحكومة ألزمت نفسها بتوفير السكن لمستحقيه من الأسر الكويتية، وبدلاً من ذلك نجدها تلعب دور تاجر العقار وتحاول تعويض خسائرها المادية من جيب المواطن عن طريق بدعة المزاد العلني لأعلى سعر.
وقد لا تعلم الحكومة أنها بهذه الطريقة تخطئ خطأً فادحاً بحيث تذهب هذه القسائم لغير مستحقي الرعاية السكنية.
نعم والله،، قسائم خيطان يتم تجهيزها لفئة لا تنطبق عليها شروط الرعاية السكنية، لأن قرار وزير الدولة لشؤون الإسكان رقم 564 لسنة 1993 بشأن تنظيم الرعاية السكنية يعرّف الرعاية السكنية كالتالي: القسائم والبيوت والشقق والبدائل السكنية الأخرى التي توفرها الدولة للإسكان للأسر الكويتية المستحقة لهذه الرعاية، وكذلك تقديم القروض للمستحقين.
ونلاحظ أن القرار لم يشمل الأسر الكويتية كافة، بل حددها في (المستحقة لهذه الرعاية) بمعنى أنه ليست كل أسرة تستحق التمتع بحق الرعاية السكنية من قبل الحكومة، ويشترط على المتقدم بطلب إثبات استحقاقه للرعاية السكنية.
بدليل أن 'الإسكان' تشترط إحضار مستند لمن يهمه الأمر من السجل العقاري بوزارة العدل يثبت عدم وجود أملاك عقارية لطالب الرعاية السكنية، ومن يتضح وجود عقار باسمه يحرم حق الرعاية السكنية، حتى لو كان ذلك العقار خرابة في الحساوي!
الآن تفرض الدولة على من تصنفهم مستحقي الرعاية السكنية الدخول في مزاد علني لأعلى سعر شرطاً للحصول على قسيمة في خيطان الجنوبي!
وحسب ما ورد من أخبار، فإن السعر المقترح لبداية المزاد هو 40 ألف دينار كويتي، وبهذه البداية فمن المتوقع أن تصل أسعار القسائم ذات المواقع المميزة إلى أكثر من 100 ألف دينار كويتي، وبكل بساطة نقول: الحكومة تبيع الحقوق المكتسبة على أصحابها، وبأعلى سعر.
وهنا يأتي السؤال: كيف تنطبق شروط الرعاية السكنية على من يملك 100 ألف دينار؟ في حين يحرم صاحب خرابة الحساوي من حق الرعاية، علماً أن خرابته لا تصلح للسكن فيسكنها، ولا يستطيع بيعها بثمن يضمن له شراء سكن مناسب.
وفي حين تفوت الفرصة على ذلك المواطن المستحق للرعاية السكنية والذي انتظر 16 سنة وأكثر في طابور الإسكان، وعندما يحين موعده ويصادف استحقاقه قسيمة في منطقة خيطان، يقال له: عذراً،، فهذه القسائم مخصصة 'لأبو ميّة' فقط.
وأود أن أهمس هنا في أذن 'أبو ميّـة' وأقول: لماذا تزاحم خلق الله البسطاء وأنت تستطيع توفير 100 ألف دينار ويمكنك شراء منزل أو أرض مع الاستفادة من القرض الإسكاني الذي تقدمه الحكومة؟
صحيح أن اللوم لا يقع عليك يا 'أبو ميّة' لأنك لا تخالف القانون، لكنني أستغرب وقوفك في الطابور مع البسطاء وأنت تملك 'ميّـة'.
في النهاية أتمنى أن تلغي الحكومة فكرة المزاد العلني لأعلى سعر، وألا تحاول تعويض ما دفعته لتثمين بيوت خيطان من جيوب مستحقي الرعاية السكنية، وأرى أن تتحمل الحكومة الجزء الأكبر من هذه التكلفة، وإن كان لابد... فلا مانع من أن يتحمل المواطن مبلغاً محدداً لا يتجاوز الـ20 ألف دينار فقط، ويدخل الجميع القرعة بشكل عادل حسب أولوية الطلب، بدلاً من فرز المواطنين... هذا 'أبو ميّة'... وهذا 'أبوعشرين'.

خلاصة القول: مزاد خيطان العلني سابقة خطيرة يتناقض وقانون الرعاية السكنية الذي يلزم الدولة 'توفير' القسائم السكنية للمستحقين لا بيعها لهم بسعر السوق.
 

خير في بطنه شر

يسمّونها الزاوية الميتة؛ تلك الزاوية التي لا تستطيع مشاهدتها من خلال المرآة الوسطى بالسيارة، أو مرآة السائق الجانبية، ومكانها خلف الجانب الأ...