2014-08-21

من يعلّق الجرس؟

نعيش على الساحة السياسية المحلية هذه الأيام فترة هدوء نسبي، فلا مسيرات، ولا مظاهرات، ولا ندوات، ولا تصريحات، ولا حتى تغريدات! 
المعارضون في سبات، وأبواق الحكومة لا تنعق.
هل انتهت مشاكلنا وحُلّت جميع القضايا المسببة للتوتر في الفترة السابقة؟ لا طبعاً، فلم يتغير شيء، لكنها فترة الصيف التي "يُغلق فيها الدكّان" فـ تسافر فيها الحكومة، ويسيح بها الشعب.
وقضيةٌ تؤجل بداعي السفر ليست بقضية!
هذا يؤكد أن ارتفاع مؤشر التوتر السياسي المحلي وانخفاضه لا يتعلق بأهمية القضايا المطروحة بقدر ارتباطه بحاجة وأهداف وظروف مثير القضية، فنجد التصعيد أحياناً في قضايا غير مستحقة في توقيت غير مناسب، وعلى النقيض نجد التأجيل وعدم المبالاة تجاه قضايا مصيرية.
مثلاً / هل كان تفاعل السياسيين والشارع الكويتي مع قرار سحب الجناسي بقدر حجم المصيبة؟!!
*
قبل أن يعود "المسافرون المؤججون" تعالوا نستغل هذا الهدوء ونفكر بهدوء في حقيقة مشاكلنا لعلنا نصل إلى حلول للمستحق منها ولو بعد حين.
في البداية يجب أن لا نضيع وقتنا وجهودنا في قضايا ليس لها حل، وهي تلك التي تكون أشبه بلغز "وش شيٍّ يرتاد القبور ويدخل القصور تحبه النساء ويهابه الملوك ومذكور في القرآن ويبدأ بحرف الميم"!
أتحدث هنا عن محاولة إيجاد حل لإلغاء مرسوم الصوت الواحد وعودة النظام الإنتخابي إلى 5 دوائر و4 أصوات، فهذه القضايا أصبحت كـ الديون المعدومة ولا أمل في عودتها، فلا تصدقوا خبراء الدستور الذين يدّعون وجود مخارج لها أو حل يبدأ بحرف الميم.
ويجب أن لا نختزل الحلول في الأشخاص، فإن فشلوا سلّمنا بالفشل.
كذلك يجب أن لا نهدر أي دقيقة من وقتنا بالإستماع لمن يطالب بحل المجلس الحالي وإستقالة الحكومة، فهذه ليست حلول أبداً.
وأيضاً يجب أن نحجر على بعض العقول التي تخرج أفكاراً لا تفضي إلى حلول كـ أمثال مقترح السير على كتف الطريق، وصاحب فكرة مبيت المتظاهرين في ساحة الإرادة، وما شابه.
وبمناسبة الأفكار والألغاز المهدرة للجهد والوقت سوف أخبركم بقصة مقولة "من يعلّق الجرس":
يقال أن هناك مجموعة فئران تعيش في صومعة مهجورة تمتلئ بحبوب القمح والحنطة والذرة وتنعم بالأمن شهور طويلة، حتى جاءهم فجأة ما كدر عليهم عيشهم وبث الرعب في أوساطهم وعرض حياتهم للخطر، فأصبحوا يفقدون في كل يوم فار أو إثنين.
الخطر كان سببه قط كبير إكتشف مدخلاً إلى الصومعة  ووجد فئراناً "ما عليها أحد" فاستفرد بها.
إستفحل الأمر على الفئران وضاق بهم فدعىٰ كبيرهم إلى إجتماع طارىء لمحاولة إيجاد حل للخروج من هذه المصيبة والتخلص من القط الجائع.
طلب ريّس الفئران المشورة والرأي من أفراد مجموعته فصمتوا طويلاً حتى إستيأس من وجود حل، وفجأة نطق أحدهم: أنا لدي الحل!
فرح الريّس وفئرانه بوجود أحد يملك خطة فقال له هات ما عندك.
قال الفأر أبو راي: نأتي بجرس ونربطه بخيط على شكل قلادة ونعلقه في رقبة القط، فإذا جاء القط سمعنا صوت الجرس فنهرب ونختبىء قبل وصوله!
إنبهرت الفئران بهذه الخطة الذكية وصفقت طويلاً للفأر أبو راي، ولم يوقف تصفيقهم إلا صرخات الريّس بقوله:
ومن يعلَق الجرس؟؟؟ من يعلّق الجرس؟؟؟
صمتوا من جديد وأطرقوا برؤوسهم إلى الأرض، فلا أحد يجرؤ على ذلك.
قال الريّس بغضب:
قبل أن تطرحوا الآراء، وتبدوا الأفكار لا تجعلوها مستحيلة التطبيق، إبحثوا عن حلول ممكنة. 
*
كيف نبدأ إذن؟
الذي أراه أن نغيّر من أسلوب العمل السياسي الذي ينتهجه المعارض التقليدي والقائم على ردود الأفعال وارتجال المواقف، فليس من المنطق أن نقتات دائماً على أخطاء وهفوات الحكومة.
أعتقد أننا بحاجة إلى أسلوب جديد - هاديء - ينطلق من خلال ورش عمل وندوات نقاشية وحوارات بنّاءه تسع للجميع وتهدف إلى نشر الوعي السياسي لدى العامة وتوجههم إلى الطريق الصحيح، حيث سلك كثير من المصلحين طرقاً خاطئة للإصلاح لإفتقادهم لثقافة الإصلاح.
نحن بحاجة إلى تثقيف سياسي لمعرفة قواعد العمل السياسي وتحديد الأولويات وكيفية التعامل مع الخصم وتداول الآراء والأفكار الممكنة التطبيق.
*
خلاصة القول:
إذا كنت لا تستطيع تعليق الجرس فلا تقترح ذلك
*

2014-08-17

المصلحون فجأة .. وبني عمرو بن عمير

قال الله تعالىٰ:
( يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وذروا ما بقي من الربا إن كنتم مؤمنين، فإن لم تفعلوا فأذنوا بحرب من الله ورسوله)  
ذكر زيد بن أسلم، وابن جريج، ومقاتل بن حيان، والسدي: أن هذا السياق نزل في بني عمرو بن عمير من ثقيف، وبني المغيرة من بني مخزوم، كان بينهم ربا في الجاهلية، فلما جاء الإسلام ودخلوا فيه طلبت ثقيف أن تأخذه منهم، فتشاوروا وقالت بنو المغيرة: لا نؤدي الربا في الإسلام.
فكتب في ذلك عتاب بن أسيد نائب مكة إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فنزلت هذه الآية فكتب بها رسول الله صلى الله عليه وسلم إليه، فقالوا: نتوب إلى الله، ونذر ما بقي من الربا، فتركوه كلهم.
كلما مرت عليَ هذه الآية وتفكَرت في سبب نزولها وتفسير معانيها طرأ علي حال بعض الملتحقين بصفوف الإصلاح ما بعد 2010!
فجأة، وجدنا أناساً يرفعون شعارات الإصلاح والعدالة والإنصاف، ويحاربون الفساد ويعيبون على المتنفعين بهبات الحكومة ومناقصاتها المشبوهة ورشاويها.
هؤلاء "المصلحون فجأة" بعضهم غير صالح، يقومون بأعمال مشبوهة، ويتقلدون مناصب مغتصبة، وفي أرصدتهم أموال ملوثة.
انتفعوا من فساد أصحابهم في الحكومة "قبل الصحوة"، حازوا المناقصات، تملكوا المزارع والشاليهات، استخرجوا الجواخير والإستراحات، وتمتعوا بكثير من الإمتيازات بدون وجه حق!
عشرات من المتمارضين يسافرون صيفاً للسياحة بإسم العلاج في الخارج.
مئات من الموظفين المفروزين في بيوتهم، وآلاف من المستفيدين من دعم العمالة عن طريق التزوير بالإتفاق مع شركات الإقطاعيين في القطاع الخاص.
هل نستطيع التوقف عن هذا الفساد والتخلص من آثاره؟
هل نتنازل عن ما في أيدينا من منافع ومكاسب مشبوهة كما تنازل بنو عمرو عن المال الحرام؟
في نقاش مع أحد "المصلحين فجأة" حول هذا الفساد وجواز هذه الهبات والأعمال والأموال المشبوهة التي يستفيد منها بعض من أعرفهم ويعرفهم، صعقني بـ "وقّفت على هـ المساكين؟ غيرهم ناس تاخذ ملايين"!!!
هذا  "المصلح فجأة" يبرر فساده وفساد أصحابه بالحجم! وكأنما يريد وضع حد أدنى مسموح للحرام ليبيح لنفسه التنفع منه، وربما رفع السقف بقدر ما يستطيع أن يحوز ويستفيد!
التبرير فعل خطير، وهو تشريع للفساد يلجأ إليه المستفيد منه للإستمرار فيه  أو للإبقاء على فوائده تهرباً من (وذروا ما بقي من الربا).
*
خلاصة القول:
التوقف عن الفساد أول خطوة في طريق الإصلاح / ولنتطهّـر كما فعل بنو عمرو بن عمير
.

2014-08-05

أبو سعد يستشرف اليهود

يعتقد أبو سعد أن الذي يبكي أكثر في تويتر هو المؤمن الصادق الذي قام بدوره تجاه غزة وأطفالها.
اسألك بالله يا أبو سعد واصدقني القول / كم مرة دعوت لغزة وأهلها في صلاتك منفرداً؟
وبكم تبرعت لهم منذ بدء العدوان الصهيوني على غزة؟
وما الشيء الذي تعتقد أنك تفوقت به على الآخرين الذين تشتمهم وتنعتهم بالمتخاذلين وتصنفهم بالمتصهينة العرب؟
لا أعتقد أنك تملك غير الدعاء وبذل بعض المال لأهل غزة، ونحن مثلك لا نملك أكثر من ذلك، و"علمنا وعلمك" عند الله فهو الذي يسمع مناجاة عبده له، وهو القائل سبحانه (إِن تُبْدُوا الصَّدَقَاتِ فَنِعِمَّا هِيَ وَإِن تُخْفُوهَا وَتُؤْتُوهَا الْفُقَرَاءَ فَهُوَ خَيرٌ لَّكُمْ).
وحتى لو كنت حاكماً يا أبو سعد فلا أعتقد أنك ستفعل الكثير لأنك تحترم الدستور! والإتفاقيات الدولية! وتؤمن بحرية الأديان! وتلتزم بقرارات الأمم المتحدة!
فلا تزايد بنخوتك للدين وللمسلمين على الآخرين، ولا تجعل الولولة في تويتر مقياساً لنصرة غزة.
وأيضاً / لا تختزل الطيب في نفسك والردىٰ في غيرك.
في الحقيقة أرى أنك صادق أحياناً، لكنني على يقين أنك تستغل أحداث غزة لشتم حكام العرب، والتقليل من قدر علماء الدين، وتصفية حساباتك مع خصومك السياسيين.
وأرى أنك تؤمن بقول الله تعالى: (ياأيها الذين آمنوا لا تتخذوا اليهود والنصارى أولياء بعضهم أولياء بعض ومن يتولهم منكم فإنه منهم إن الله لا يهدي القوم الظالمين).
وتعتقد أن حكام الخليج من العرب المتصهينة لكن حمد لم يتصهين في عينك، رغم أن موالاته لإسرائيل وصحبته مع اليهود تفوقت على صحبة المهادي لـ مفرج السبيعي.
وأرى أنك تفضل أردوغان على كل العرب، رغم أنه موالي بدرجة امتياز لإسرائيل! وعلاقاته السياسية، العسكرية، التجارية، الرياضية، السياحية مع اسرائيل علاقات تسجل حتى هذه اللحظة أرقاماً قياسية لا سابقة لها ولا ينافسه في دعم اليهود سوىٰ أوباما.
وأرى أنك سترجع عن قولك -اللي صجّيتنا فيه العام الماضي- عن خطورة المد الصفوي والهلال الشيعي، وستقول قريباً: خامنئي أشرف من العرب.
وأرى أنه سيأتي اليوم الذي يُعلن فيه الجهاد ولا تنفر مع المسلمين لأن الحاكم العربي متصهين!!
*
يا أبو سعد/
احقد على الحكام واشتم المتخاذلين وقل ما شئت، لكن لا ترفع قدر اليهود الخنازير المغضوب عليهم والمطرودين من رحمة الله.
يا أبو سعد/
انصر غزة وتبرع لأهلها وادع لمستضعفيها وسنؤمّن معك، لكن عيب عليك وعار وخزي أن تقول "اليهود أشرف من المسلمين"!
يا أبو سعد/
إذا كان هناك متصهينة عرب يدعمون اسرائيل / فالذي يمتدح اليهود وعدالتهم وانصافهم وانسانيتهم ويمنحهم وسام "الشرف" أيضاً يدعمهم... فـ احذر!
*
خلاصة القول:
اللهم العن اليهود ومن والاهم، واكشف ستر المنافقين.
*
الشرف هو العلو / وهو من الأخلاق الحميدة، كما يستدل به على نقاء السريرة والأمانة المادية والأخلاقية، وأيضاً البعد عن الأفعال الآثمة أو التي يجرمها المجتمع، كالسرقة والاغتصاب والقتل والسلب والنهب / فلا تسبغه على اليهود الأنجاس يا مسلم!
*

2014-08-02

سحب الجناسي وقتل الإنتماء

إذا استمرت الحكومة في استخدام سلاح سحب الجناسي مع خصومها السياسيين فنحن على موعد مع ولادة معارضة الخارج، في خطوة غير محسوبة تكشف عن قصر نظر أصحاب القرار الذين يعالجون مشكلة وقتية بخلق أخرى مستقبلية أكبر قد ينتج عنها - ولو بعد حين - معارضة حقيقية تخرج بواجهة مختلفة عن المعارضة الشكلية المحلية - مأمونة الجانب - والتي تفتقد إلى ثقافة المعارضة وأبجديات العمل السياسي.
سحب الجناسي ومغادرة أصحابها البلاد مع شعورهم بالظلم ويقينهم بعدم استطاعتهم العودة مرة أخرى قد يكون البذرة الأولى لنشأة معارضة الخارج، لا سيما إن وجد هؤلاء المعارضون من يحتضنهم ويدعمهم ويقطع لهم الوعود باسترداد حقوقهم وتحقيق طموحاتهم والعودة بهم إلى أرض الوطن من جديد، وقد يكون ذلك الداعم شيخاً معارضاً غادر البلد منفياً يحمل في صدره شعوراً بالظلم ويخالجه أمل في العودة لإسترداد ما يعتقد أنه حق سلب منه.
ومن المعروف أن معارضة الخارج لا تعود إلا لتحكم.
احتمال خطير، والأخطر أن يتم احتضانهم واستغلالهم من قبل دول أو أحزاب لها أهداف ومطامع في الكويت وفي منطقة الخليج العربي.
يجب أن تتنبه الحكومة لخطورة ما تقوم به، وتغير من أسلوب تعاملها مع خصومها السياسيين، فسحب الجنسية قد يتسبب بقتل روح الإنتماء لدى المتضررين من ذلك القرار والمتضامنين معهم خصوصاً عندما يشعر المواطن بجور القرار وانتقائية تطبيق القانون.
*
وبمناسبة حديث النائب السابق مسلم البراك عن سحب الجناسي وقوله "اذا بغوا جناسيهم خلهم ياخذونها" / ألفت نظر الأخ مسلم والجميع أن الجنسية حق وليست أُعْطية!
*
خلاصة القول:
أعيدوا النظر ...!
*

خير في بطنه شر

يسمّونها الزاوية الميتة؛ تلك الزاوية التي لا تستطيع مشاهدتها من خلال المرآة الوسطى بالسيارة، أو مرآة السائق الجانبية، ومكانها خلف الجانب الأ...