نعيش على الساحة السياسية المحلية هذه الأيام فترة هدوء نسبي، فلا مسيرات، ولا مظاهرات، ولا ندوات، ولا تصريحات، ولا حتى تغريدات!
المعارضون في سبات، وأبواق الحكومة لا تنعق.
هل انتهت مشاكلنا وحُلّت جميع القضايا المسببة للتوتر في الفترة السابقة؟ لا طبعاً، فلم يتغير شيء، لكنها فترة الصيف التي "يُغلق فيها الدكّان" فـ تسافر فيها الحكومة، ويسيح بها الشعب.
وقضيةٌ تؤجل بداعي السفر ليست بقضية!
هذا يؤكد أن ارتفاع مؤشر التوتر السياسي المحلي وانخفاضه لا يتعلق بأهمية القضايا المطروحة بقدر ارتباطه بحاجة وأهداف وظروف مثير القضية، فنجد التصعيد أحياناً في قضايا غير مستحقة في توقيت غير مناسب، وعلى النقيض نجد التأجيل وعدم المبالاة تجاه قضايا مصيرية.
مثلاً / هل كان تفاعل السياسيين والشارع الكويتي مع قرار سحب الجناسي بقدر حجم المصيبة؟!!
*
قبل أن يعود "المسافرون المؤججون" تعالوا نستغل هذا الهدوء ونفكر بهدوء في حقيقة مشاكلنا لعلنا نصل إلى حلول للمستحق منها ولو بعد حين.
في البداية يجب أن لا نضيع وقتنا وجهودنا في قضايا ليس لها حل، وهي تلك التي تكون أشبه بلغز "وش شيٍّ يرتاد القبور ويدخل القصور تحبه النساء ويهابه الملوك ومذكور في القرآن ويبدأ بحرف الميم"!
أتحدث هنا عن محاولة إيجاد حل لإلغاء مرسوم الصوت الواحد وعودة النظام الإنتخابي إلى 5 دوائر و4 أصوات، فهذه القضايا أصبحت كـ الديون المعدومة ولا أمل في عودتها، فلا تصدقوا خبراء الدستور الذين يدّعون وجود مخارج لها أو حل يبدأ بحرف الميم.
ويجب أن لا نختزل الحلول في الأشخاص، فإن فشلوا سلّمنا بالفشل.
كذلك يجب أن لا نهدر أي دقيقة من وقتنا بالإستماع لمن يطالب بحل المجلس الحالي وإستقالة الحكومة، فهذه ليست حلول أبداً.
وأيضاً يجب أن نحجر على بعض العقول التي تخرج أفكاراً لا تفضي إلى حلول كـ أمثال مقترح السير على كتف الطريق، وصاحب فكرة مبيت المتظاهرين في ساحة الإرادة، وما شابه.
وبمناسبة الأفكار والألغاز المهدرة للجهد والوقت سوف أخبركم بقصة مقولة "من يعلّق الجرس":
يقال أن هناك مجموعة فئران تعيش في صومعة مهجورة تمتلئ بحبوب القمح والحنطة والذرة وتنعم بالأمن شهور طويلة، حتى جاءهم فجأة ما كدر عليهم عيشهم وبث الرعب في أوساطهم وعرض حياتهم للخطر، فأصبحوا يفقدون في كل يوم فار أو إثنين.
الخطر كان سببه قط كبير إكتشف مدخلاً إلى الصومعة ووجد فئراناً "ما عليها أحد" فاستفرد بها.
إستفحل الأمر على الفئران وضاق بهم فدعىٰ كبيرهم إلى إجتماع طارىء لمحاولة إيجاد حل للخروج من هذه المصيبة والتخلص من القط الجائع.
طلب ريّس الفئران المشورة والرأي من أفراد مجموعته فصمتوا طويلاً حتى إستيأس من وجود حل، وفجأة نطق أحدهم: أنا لدي الحل!
فرح الريّس وفئرانه بوجود أحد يملك خطة فقال له هات ما عندك.
قال الفأر أبو راي: نأتي بجرس ونربطه بخيط على شكل قلادة ونعلقه في رقبة القط، فإذا جاء القط سمعنا صوت الجرس فنهرب ونختبىء قبل وصوله!
إنبهرت الفئران بهذه الخطة الذكية وصفقت طويلاً للفأر أبو راي، ولم يوقف تصفيقهم إلا صرخات الريّس بقوله:
ومن يعلَق الجرس؟؟؟ من يعلّق الجرس؟؟؟
صمتوا من جديد وأطرقوا برؤوسهم إلى الأرض، فلا أحد يجرؤ على ذلك.
قال الريّس بغضب:
قبل أن تطرحوا الآراء، وتبدوا الأفكار لا تجعلوها مستحيلة التطبيق، إبحثوا عن حلول ممكنة.
*
كيف نبدأ إذن؟
الذي أراه أن نغيّر من أسلوب العمل السياسي الذي ينتهجه المعارض التقليدي والقائم على ردود الأفعال وارتجال المواقف، فليس من المنطق أن نقتات دائماً على أخطاء وهفوات الحكومة.
أعتقد أننا بحاجة إلى أسلوب جديد - هاديء - ينطلق من خلال ورش عمل وندوات نقاشية وحوارات بنّاءه تسع للجميع وتهدف إلى نشر الوعي السياسي لدى العامة وتوجههم إلى الطريق الصحيح، حيث سلك كثير من المصلحين طرقاً خاطئة للإصلاح لإفتقادهم لثقافة الإصلاح.
نحن بحاجة إلى تثقيف سياسي لمعرفة قواعد العمل السياسي وتحديد الأولويات وكيفية التعامل مع الخصم وتداول الآراء والأفكار الممكنة التطبيق.
*
خلاصة القول:
إذا كنت لا تستطيع تعليق الجرس فلا تقترح ذلك
*
المعارضون في سبات، وأبواق الحكومة لا تنعق.
هل انتهت مشاكلنا وحُلّت جميع القضايا المسببة للتوتر في الفترة السابقة؟ لا طبعاً، فلم يتغير شيء، لكنها فترة الصيف التي "يُغلق فيها الدكّان" فـ تسافر فيها الحكومة، ويسيح بها الشعب.
وقضيةٌ تؤجل بداعي السفر ليست بقضية!
هذا يؤكد أن ارتفاع مؤشر التوتر السياسي المحلي وانخفاضه لا يتعلق بأهمية القضايا المطروحة بقدر ارتباطه بحاجة وأهداف وظروف مثير القضية، فنجد التصعيد أحياناً في قضايا غير مستحقة في توقيت غير مناسب، وعلى النقيض نجد التأجيل وعدم المبالاة تجاه قضايا مصيرية.
مثلاً / هل كان تفاعل السياسيين والشارع الكويتي مع قرار سحب الجناسي بقدر حجم المصيبة؟!!
*
قبل أن يعود "المسافرون المؤججون" تعالوا نستغل هذا الهدوء ونفكر بهدوء في حقيقة مشاكلنا لعلنا نصل إلى حلول للمستحق منها ولو بعد حين.
في البداية يجب أن لا نضيع وقتنا وجهودنا في قضايا ليس لها حل، وهي تلك التي تكون أشبه بلغز "وش شيٍّ يرتاد القبور ويدخل القصور تحبه النساء ويهابه الملوك ومذكور في القرآن ويبدأ بحرف الميم"!
أتحدث هنا عن محاولة إيجاد حل لإلغاء مرسوم الصوت الواحد وعودة النظام الإنتخابي إلى 5 دوائر و4 أصوات، فهذه القضايا أصبحت كـ الديون المعدومة ولا أمل في عودتها، فلا تصدقوا خبراء الدستور الذين يدّعون وجود مخارج لها أو حل يبدأ بحرف الميم.
ويجب أن لا نختزل الحلول في الأشخاص، فإن فشلوا سلّمنا بالفشل.
كذلك يجب أن لا نهدر أي دقيقة من وقتنا بالإستماع لمن يطالب بحل المجلس الحالي وإستقالة الحكومة، فهذه ليست حلول أبداً.
وأيضاً يجب أن نحجر على بعض العقول التي تخرج أفكاراً لا تفضي إلى حلول كـ أمثال مقترح السير على كتف الطريق، وصاحب فكرة مبيت المتظاهرين في ساحة الإرادة، وما شابه.
وبمناسبة الأفكار والألغاز المهدرة للجهد والوقت سوف أخبركم بقصة مقولة "من يعلّق الجرس":
يقال أن هناك مجموعة فئران تعيش في صومعة مهجورة تمتلئ بحبوب القمح والحنطة والذرة وتنعم بالأمن شهور طويلة، حتى جاءهم فجأة ما كدر عليهم عيشهم وبث الرعب في أوساطهم وعرض حياتهم للخطر، فأصبحوا يفقدون في كل يوم فار أو إثنين.
الخطر كان سببه قط كبير إكتشف مدخلاً إلى الصومعة ووجد فئراناً "ما عليها أحد" فاستفرد بها.
إستفحل الأمر على الفئران وضاق بهم فدعىٰ كبيرهم إلى إجتماع طارىء لمحاولة إيجاد حل للخروج من هذه المصيبة والتخلص من القط الجائع.
طلب ريّس الفئران المشورة والرأي من أفراد مجموعته فصمتوا طويلاً حتى إستيأس من وجود حل، وفجأة نطق أحدهم: أنا لدي الحل!
فرح الريّس وفئرانه بوجود أحد يملك خطة فقال له هات ما عندك.
قال الفأر أبو راي: نأتي بجرس ونربطه بخيط على شكل قلادة ونعلقه في رقبة القط، فإذا جاء القط سمعنا صوت الجرس فنهرب ونختبىء قبل وصوله!
إنبهرت الفئران بهذه الخطة الذكية وصفقت طويلاً للفأر أبو راي، ولم يوقف تصفيقهم إلا صرخات الريّس بقوله:
ومن يعلَق الجرس؟؟؟ من يعلّق الجرس؟؟؟
صمتوا من جديد وأطرقوا برؤوسهم إلى الأرض، فلا أحد يجرؤ على ذلك.
قال الريّس بغضب:
قبل أن تطرحوا الآراء، وتبدوا الأفكار لا تجعلوها مستحيلة التطبيق، إبحثوا عن حلول ممكنة.
*
كيف نبدأ إذن؟
الذي أراه أن نغيّر من أسلوب العمل السياسي الذي ينتهجه المعارض التقليدي والقائم على ردود الأفعال وارتجال المواقف، فليس من المنطق أن نقتات دائماً على أخطاء وهفوات الحكومة.
أعتقد أننا بحاجة إلى أسلوب جديد - هاديء - ينطلق من خلال ورش عمل وندوات نقاشية وحوارات بنّاءه تسع للجميع وتهدف إلى نشر الوعي السياسي لدى العامة وتوجههم إلى الطريق الصحيح، حيث سلك كثير من المصلحين طرقاً خاطئة للإصلاح لإفتقادهم لثقافة الإصلاح.
نحن بحاجة إلى تثقيف سياسي لمعرفة قواعد العمل السياسي وتحديد الأولويات وكيفية التعامل مع الخصم وتداول الآراء والأفكار الممكنة التطبيق.
*
خلاصة القول:
إذا كنت لا تستطيع تعليق الجرس فلا تقترح ذلك
*