2024-05-14

دَخَنْ

"إذا صلحت عقيدة المسلم، صلح ما بعدها".


من قبل اكتشاف النفط، بعشرات السنين، والهجرات البشرية تتوالىٰ، إلى هذه البقعة المباركة، بحثاً عن الإستقرار، والأمن، ولقمة العيش، التي يفتقدها، كثير من شعوب المنطقة، تحديداً في فترات الحكم العثماني، الذي لم يُشبع جائعاً، ولم يُؤمّن خائفاً.

من شرق، ومن شمال، ومن نجد، ومن جنوب، توافد الناس، جماعات، وفرادى، إلى الكويت، ليس لأن فيها حريات، وديموقراطية، ومجلس أمة!، لا، لا، لا، بل لأنها بلد خير، وشيوخها أجاويد، وحكومتها تطعم الجايع، وتأمن الخايف، وتنصف المظلوم.

استقر المهاجرون، واختلطت الوفود، في محيط صغير، تآلفت قلوب ساكنيه، تعايشوا، وذابت فروقاتهم، في نسيج مجتمعي واحد، بفضل البيئة الإيجابية، الجاذبة، التي عملت على توفيرها الدولة، في زمن، نقي، لم يتلوث أهله، بأكاذيب الديموقراطية، وعفن الأحزاب، وسفاسف الحريات، وخثاريق الشعبوية.

ثم ابتعثت الدولة، أولادها، برمان وإخوانه، إلى مصر، ولبنان، ودول أخرىٰ، لطلب العلم، فاقتنص حسن البنا وحزبه بعضهم، واقتنص القوميون بعضاً آخرين، وسْوَسُوا في رؤوسهم المربعة، فلوّثوا أفكارهم، وأفسدوا عقائدهم.

عاد الأفنديّة، المتعلمين، إلى الكويت، ينقلون الحية🐍، ويبثون سموم أفكار أحزابهم، في شرايين مجتمعهم، باسم الإخوانية، والقومية، والحرية، فاختلفت القلوب، وتغيّر الناس، وتباينت الفروقات، وانقسم المجتمع، وأصاب عقائد القوم دَخَن!!، ومن هنا بدأت الحكاية.

الحكاية، أن عقيدة عوام الناس، كانت سليمة بالفطرة، حتى وإن جهلوا تعريف العقيدة، ولأنهم على النيّة، وعلى السجيّة، فقد ظنوا، أن كل متعلّم يفهم، وظنوا أن كل خريج أزهر ديّن وزين، فوقعوا ضحية الأفنديّة، المتعلمين، صيدات القوميّة، والإخوانية.

ثم صيغ الدستور!!، الذي فتح الباب للأفندية بالمشاركة، في القرار، والتشريع، فنجحوا بالوصول، بدعم البسطاء، فأصبح لهم شأن، وشوي شوي، وشوي شوي، حتى اعتقد الأفندية، وأتباعهم، أنهم شركاء في المال، والحكم!!، وشوي شوي، قاموا يتغربشون، ويتدخلون في صلاحية سمو أمير البلاد، ويُنازعون الأمر أهله، كاشفين عن انحراف خطير، في العقيدة، ومخالفة صريحة للدستور، الذي اعتقدوا، أنه الباب السهل، للولوج للسلطة.

اللافت، أن الأفنديّة، كانوا قد شكلوا عدة أحزاب، وتكتلات، بأفكار متضادة، وأجندات متناقضة، فنشأ عن ذلك، تنافس معلن بينهم، وحروب كلامية، وخصام سياسي شرس، وضرب، وطعن، وشتيمة، استمر حتى انطلاق شرارة ثورات الخريف العربي، ثم، فجأة، وبدون مقدمات، تراضوا!!، وتحالفت جميع أحزابهم، ضد حكومات الخليج -باستثناء قطر-، لم يجمعهم دين، ولا عقيدة، ولا حب وطن، إنما اجتمعوا على "كراهية الحكام والحكومات"، وهذا "مَجْمَع اعفون"، ما سبقهم عليه أحد!!

المهم يا إخوان، الكويت أرضٍ باردة، من قبل أن نعرف الأفندية، والأحزاب، والبرلمان، وبإذن الله ستظل أرضٍ باردة، بدون برلمان، وبدون أحزاب، وأفندية.

*

خلاصة القول:

أصلحوا عقائدكم، يَصلح حالكم.

.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

خير في بطنه شر

يسمّونها الزاوية الميتة؛ تلك الزاوية التي لا تستطيع مشاهدتها من خلال المرآة الوسطى بالسيارة، أو مرآة السائق الجانبية، ومكانها خلف الجانب الأ...