2014-12-03

المعارضة طير كبير

 أستخدم لفظ "معارضة" للإستدلال فقط، فأنا لا أؤمن بوجود معارضة حقيقية تحمل فكراً سياسياً وتعمل وفق مبدأ ثابت أو تتبنى برنامجاً إصلاحياً هدفه صالح الوطن والمواطن.
وأتحدث هنا عن المعارضة بالمعنى الذي تحمله هذه الكلمة لغةً واصطلاحاً.
المعارضة الحقيقية غير موجودة في الكويت، وما لدينا ليس سوى معارضة موقف، أو مخالفة أشخاص، وغالب ما تمارسه الكتل البرلمانية أقرب إلى المساومة التي لا تخلو من الغزل السياسي للحصول على مكاسب محدودة، كما أن كثير من النواب يعمل بعقلية المرشّح فيظهر بصورة المعارض فقط ليسترضي الحد الأدنى من طموح المواطن الناخب.
لم يتغير النهج الحكومي خلال الـ 3 عقود الماضية، مع توقف كامل للتنمية بشتى مجالاتها، ومع ذلك نلاحظ تبدل مواقف الكتل السياسية خلال تلك السنوات حيث تتبادل أدوار المعارضة والموالاة فيما بينها بحسب إلتقاء وتقاطع مصالحها مع الحكومة، وكذلك يفعل كثير من النواب المستقلين.
لقد كانت المعارضة وما زالت مجرد ظاهرة تبرز وتختفي بحسب المواقف والأشخاص.
 سوف نستدل ببعض المواقف والأسماء ونبدأ بمجلس 85 الذي يعتبر من أقوى المجالس وأشرسها، وقد ضم أغلبية معارضة كادت تطيح بأكثر من وزير فكان أن لجأت الحكومة إلى حل ذلك المجلس حلاً غير دستوري.
لو نظرنا لبعض الأسماء المعارضة والتي كانت سبباً في حل مجلس 85 لوجدنا أنها تحولت إلى الموالاة في فترات لاحقة، بل أن عدداً منهم قَبِلَ العمل مع الحكومة - التي إستمرت على نهجها -  مثل الوزير السابق أحمد الربعي والوزير السابق أحمد باقر، والوزير السابق مشاري العنجري، والوزير السابق جاسم العون، والوزير السابق راشد الحجيلان، ومستشار رئيس مجلس الوزراء الحالي مبارك الدويلة.
وأيضاً راجعوا أسماء بقية المعارضين في مجلس 85 وأخبروني: هل بقي منهم معارض؟!
عادت الحياة البرلمانية مرة أخرى في عام 1992 وبرزت أسماء معارضة  جديدة كانت محل تقدير ودعم الشارع السياسي الكويتي مثل: عدنان عبدالصمد، والقوي الأمين خالد العدوة، وعبدالله الهاجري، عبدالمحسن جمال، مشاري العصيمي، محمد شرار وغيرهم.
ولكن / هل بقي منهم معارض؟
 ثم جاء مجلس 96 وظهرت حدس بثوب المعارض لكنها ما لبث أن نزعته بسرعة لتتحول إلى كتلة موالية للحكومة إلى ما بعد تغيير الدوائر، ثم تعود مرة أخرى بعد قرابة الـ 10 سنوات لتلبس ثوب المعارضة البالي بعد طلاقها من الحكومة إثر خلاف الداوكيمكال.
ولننتقل إلى كتلة العمل الشعبي والتي كانت تضم أحمد لاري وعدنان عبدالصمد وحسن جوهر وأحمد السعدون ومسلم البراك ومحمد الخليفة.
هل كانت هذه الكتلة تحمل فكراً معارضاً كان سبباً في هذه التوليفة وهذا التجمع؟
الذي يظهر أنها إجتمعت على مصلحة، فبمجرد فصل النائبين لاري وعبدالصمد من الكتلة بسبب حادثة تأبين مغنيه تحول الإثنان إلى صف الحكومة كما أن حسن جوهر خرج من التكتل إحتجاجاً على موقف فصلهما.
ثم تدور الأيام ويتحول لاري وعبدالصمد إلى صف المعارضة في مجلس فبراير 2012 وعلى الجانب الآخر تقف كتلة العمل الشعبي تحمي الريّس ووزرائه من إستجوابات المعارضة الجديدة!
والآن / هل لدينا معارضة حقيقية تحمل فكراً سياسياً، ولديها رؤية وبرنامج عمل إصلاحي جدير بالإحترام؟
شخصياً لا أرى ذلك، بل أننا لا نملك أبجديات المعارضة، وخير دليل على ذلك ما وصلت إليه بعض الكتل السياسية من عزلة تسبب بها بعض من أسند إليهم الأمر، حيث لم يتركوا هامشاً للمناورة والحوار مع الحكومة التي وصلت إلى النهائي بعد إنسحاب الفريق المنافس!
فككوا نهج
إنقسموا في التحالف
إنسحبوا من حزب الأمة
تخاصموا في أغلبية 2012
إختلفوا في التكتل الشعبي
ثم خرجوا من إئتلاف المعارضة وما سكروا الباب وراهم!!
أيها الأخوة / نحن لا نقف في صف الحكومة، نحن نعي مدى القصور، وحجم الفساد، وخطورة الأوضاع، لكننا قرأنا في التاريخ، وعلمتنا الأحداث من حولنا أن تغيير نظام الحكم القديم إلى غيره يعني تغيير إلى المجهول وبداية فوضى ستؤدي حتماً إلى نهاية دولة، كما أننا نثق أن هذه الحكومة في كل أحوالها أرحم بنا من "أي قادم".
لذلك / كنا نقول دائماً:
" حكومةٍ تعرفها ولا معارضةٍ تجهلها
نحن مع الإصلاح وندعم من ينتهجه بغض النظر عن الأسماء، والإصلاح يكون من الداخل
*
خلاصة القول:
المعارضة طير كبير، له جناح وما يطير
!!
.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

خير في بطنه شر

يسمّونها الزاوية الميتة؛ تلك الزاوية التي لا تستطيع مشاهدتها من خلال المرآة الوسطى بالسيارة، أو مرآة السائق الجانبية، ومكانها خلف الجانب الأ...