جاء في تعريف الوطن أنه مكان الولادة والنشأة، وقيل هو المكان
الذي تسكن فيه، وتشعر بالإرتباط به، والإنتهاء إليه.
الإنسان الذي لا يزال يسكن في الوطن الذي وُلِد ونشأ فيه،
هو موضوعنا اليوم، في محاولة لفحص حقيقة شعورنا بالإنتماء، ومدى ما نملك من حس وطنيٍّ
كثيراً ما تباهينا به لفظاً.
نتحدث هنا عن الوطنية، تلك الكلمة المبتذلة التي تلوكها كثير
من الألسن، ولا تطبقها الجوارح.
الوطنية في زمن الحرب واضحة جلية، وهي أن تحمل السلاح ذوداً
عن وطنك، أو أن تنحاز بشكل واضح إلى سياسة حكومة بلدك، وتقدم كل ما تملك من دعم -مادي،
ومعنوي- وأن تصب تصريحات المواطن السياسي في اتجاه متوافق مع الموقف الرسمي للدولة،
وأن تنسجم معه تعليقات المواطن في تويتر، ويتكلم بمضمونه المواطن في مجلسه، ويظهره
حتى المواطن المشجع في المدرجات، تماماً كما نشاهد اليوم من الشعب السعودي الوطني في
كل مناسبة ومحفل.
الوطنية في الحرب، انحياز تام واضح، معلن، صريح للوطن، ولا
مكان فيها للحياد، فالحياد هنا خيانة!
الوطنية في السِّلم هي مربط الفرس، فأكثرنا يعجز عن تعريفها،
وإن كان كثير منا يطبقها، بما فطر، وتربى عليه.
مربط الفرس هنا في الذي يجهل تعريفها، ولا يطبقها في كثير
من المواضع، ومع ذلك تجده أكثر من يتبجح بها قولاً!
الوطنية في السلم أن تحب وطنك، وتقوم بحقه عليك، وتؤدي واجباتك
تجاهه، باحترام القوانين، والإخلاص في العمل، والمساهمة في نهضة البلد، والمحافظة على
مرافق الدولة، وتربي أبناءك على ذلك، وما تطوف الإشارة! وما تقط الزبالة في الشارع!
ولا تشوه سمعة بلدك في الخارج! وما تقاضي ابن ديرتك عند الفيفا، ولا تشتكي حكومتك لدى
المنظمات الدولية، ولا تنشر غسيلك عند هيومن رايتس ووتش، ولا تسمي حكام بلدك طغاة،
ولا تناصر إعلام العدو عليهم!!
الوطنية شعور يُستفز في المواقف، وليست مجرد شعار يرفع، وحمارٌ
يمتطىٰ.
ولم تمتطِ الأحزاب الخارجية حماراً كـ ابن البلد الذي أوّل
الوطنية بمفهومه القاصر بأن هناك وطنًا خاصًا وهو ما تسكن به، ووطنًا عامًا تحده العقيدة،
فقدم عقيدة حزبه الباطلة على وطنه، فخالف العقيدة السليمة، وخان الوطن.
اليوم نحن في حرب مباشرة، وهناك من يقف ضد الوطن بانتقاده
موقف الدولة الرسمي، أو بحياده، أو بتشكيكه، أو بهمزه ولمزه!
قال لي أحدهم: الكويت لم تشارك في حرب اليمن، قلت: الطيران
شارك منذ أول يوم.
قال: لكنها لم تشارك في الحرب البرية!
وعندما قامت الكويت بإرسال قوة برية، علق قائلاً: لن يشاركوا
وسيتمركزون على الحدود!!
يا الحبيب والله لو يشارك سمو الأمير ويستشهد ما راح يقنعك!!
لكن خلك على جهلك ومصير الزمن يعلمك.
*
خلاصة القول:
تعرف إيه عن الوطنية؟!
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق