قبل 7 سنوات تقريباً، تكلمتُ عن قيام شركة المطاحن الكويتية
برفع سعر كيس الخبز بطريقة ليست بالذكية جداً، لكنها كانت كافية للتفوق على القدرات
الذهنية لكثير من الغافلين، الذين أصبحوا لاحقاً مشاركين فاعلين في هاشتاقات المقاطعة
احتجاجاً على رفع سعر سلعة ثانوية بمقدار 10 فلوس!
أبقت الشركة على سعر كيس الخبز بالتسعيرة القديمة وهي 50
فلسًا، لكنها قللت وزنه بما يعادل 15 فلسًا تقريباً، فأصبحت تبيع الوزنة القديمة بـ65
فلسًا دون أن يشعر راعي هبّات المقاطعة.
تفاعل باهت، وردود أفعال باردة، وببساطة لم يهتم أحد بمقالي،
ولا بأحاديثي في المجالس عن رفع سعر أهم سلعة غذائية أساسية، والتي بسببها قامت ثورات
الجياع في فرنسا، ومصر، وتونس، والجزائر، والأردن، وغيرها!
كنت أتحدث حينها وأكتب ليسمع، أو يقرأ نواب الأمة ليذودوا
عن مصالح الأمة!
ولا شك أن ممثلي الأمة قد علموا في حينه بارتفاع سعر أهم
لقمة عيش، لكن أولئك الممثلين لم يتفاعلوا مع الخبزة، ولم يهتموا بالـ 15 فلسًا، لأنهم
مثل كُليب بن ربيعة لا يلتفتون لحي الله رقم، فلا يُبدون إهتماماً إلا لمليون دينار
وما فوق!
لا أدعو للتهييج، ولا للثورات، ولا للمظاهرات، فأنا ضدها
من مبدأ شرعي قبل كل شيء، لكنني أطرح ذلك تذكيراً بمبدأ الطرمبة الذي ينطلق منه المنافحون
عن مكتسبات الشعب!
قال لي أحدهم حينها: "يا رجّال كلها 15 فلس"!
لم ألتقِ به منذ فترة، لكن إن كان يقرأ مقالي هذا، فأقول
له: يا رجّال كلها 10 فلوس رفعة سعر علبة المراعي اللي صجيتنا فيها!
الوكاد / شبعانٌ لا يهتم بارتفاع سعر الخبز لا يمكن أن يكون
صادقاً في تغريداته الإحتجاجية على ارتفاع سعر اللبن، والسمك، والتمر الهندي!
غنيٌّ لا يهتم بارتفاع سعر السلعة الأساسية، لا يمكن أن يكون
جاداً في حديثه عن مقاطعة السلع الثانوية.
مدخّن يقبل بزيادة سعر الزقاير 100 فلس، سيقبل بزيادة سعر
البنزين 30 فلسًا وهو يضحك!
*
انتهت المقدمة، ونأتي للمضمون / ماذا لو اتخذت الدولة قراراً
برفع الدعم؟
ومعروف أن الدعم يختص بالمواد الأساسية ذات الإستهلاك اليومي،
المهمة جداً، يعني السالفة مهي بلحية لبن، وتمر هندي!
لو حدث ذلك، كيف سنستقبل القرار؟
لا شيء! سوف يمر القرار مرور الكرام، والكرام هم الذين يكون
مرورهم خفيفاً، سريعاً، على الأماكن التي يكثر فيها اللغو، والكلام الزايد، فلا يتوقفون
عنده، وهذا ما سيكون من القرار حين يمر بمجلس الأمة الذي تنازل كثير من الناس عن حقهم
فيه، وحين يمر أيضاً بالجالسين في دواوينهم العامرة، والمتمغطين في مخيماتهم الربيعية.
استبق أهل تويتر قرار رفع الدعم - المتوقع - بحلطمة، وفضفضة،
ولغو كلام، وشتمٍ للحكومة اللي ما درت عنهم، وهو في النهاية كلام من فم قايله إلى أذنه.
أنا مع الفضفضة، من باب "حتى لا تموت كمدًا"، لكن
ماذا بعد الفضفضة، والهذرة، والشتم؟
نصيحتي لكم -بما أن الكلام، والتغريد، لن يثني الحكومة عن
أي أمر تقدِم عليه- فإن كانت قد اتخذت قرارًا لرفع الدعم، فليس أمام كل من يعتقد أن
ميزانيته ستتأثر سلباً برفع الدعم إلا الإستعداد لتقنين مصروفاته، وتقليل الهدر، وتكييف
ميزانيته بما يتناسب والزيادة المتوقعة جراء رفع الدعم عن بعض المواد / يعني "إحم
نفسك يا مال الشحم".
اكتبوا في قوقل، ثقافة استهلاكية، ميزانية الأسرة، توفير
الراتب، ادخار، ترشيد، الخ / ليس عيباً أن تفعلوا ذلك! واللي يستحي، يقرأ عنها ولا
يعلم أحد!!
وأبواب التوفير كثيرة كثيرة، ومنها على سبيل المثال:
إذا أردت أن تأكل بيضاً في مطعم فلا تختار من قائمة الطعام
كلمة "أومليت" لأنها بـ 4 دنانير! بل اطلب "بيض عيون" بنصف دينار!!
*
خلاصة القول:
الوعي الإستهلاكي مضاد حيوي يخفض درجة حرارة الأسعار.
*
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق