2019-08-28

العجايز

في كثير من البيوت، توجد تلك العجوز الحنّانة، الونّانة، المتحلطمة، المحبطة على طول الخط، والتي تمتهن مقارنة عيال خلق الطيبين، بعيالها الخايبين -في عينها- شوف عيال فلان، وليه ما تصير مثل ولد فلانة، ولو فيك خير صرت مثل فلان، حتى أشعرت إبنها المسكين أنه أسوأ واحد في الحارة!

إشتكىٰ الولد لأبيه إحتقار أمه له، والنظر إليه بالعين الضيّقة، وتفضيل عيال الناس عليه، حتى صغُر في عين نفسه.

قال الأب: وأنت، كيف ترى نفسك؟

قال: والله يا والدي إنني خيرٌ مما تُظن أمي، وعيال الحارة ليسوا كما تعتقد هي.

قال الأب، يا ولدي، الشاعر يقول:
لو نلتفت للكلام اللي على الفاضي
ان كان مبطي كبود الناس مندبله

ثنتين ما غيّرت فـ الوقت مركاضي
الكلمة الناقصة والهرجة الخبله

يا ولدي، إمضِ في طريقك، واصنع مستقبلك، ولا تلتفت لكلام العجايز .
*

لدينا في مجالس الرجال أيضاً أشخاصٌ يمتهنون المقارنة بين أسوأ ما في البلد، وأحسن ما في الدول الأخرىٰ، تماماً كما نظام أحمد الشقيري، وعلى طريقة العجوز أعلاه.

شوف عيال اليابان، وليه ما نصير محترمين مثل الأوربيين؟ والأتراك عندهم مطار أحسن من مطارنا .. الخ.

 وهكذا هم عجايز المجالس، نظرتهم دونية لأنفسهم، ولحكوماتهم، ولأبناء مجتمعهم، وأننا متخلفون، وعاجزون، والجميع أفضل منّا، وفي الحقيقة هم لا يعلمون أن التركي أيضاً لديه في المنزل عجوز ونّانة، متحلطمة، تشابههم، تعاير إبنها دائماً، وتقول له: لو فيك خير ما صرّت حلاّق عند الكويتيين!

*
خلاصة القول:
انظروا إلى من هو أسفل منكم.


.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

خير في بطنه شر

يسمّونها الزاوية الميتة؛ تلك الزاوية التي لا تستطيع مشاهدتها من خلال المرآة الوسطى بالسيارة، أو مرآة السائق الجانبية، ومكانها خلف الجانب الأ...