2013-05-08

حمزه الكويتي.. ثاير ثاير

مشاري بن عبدالرحمن آل سعود، حبسته الدولة العثمانية في مصر لأكثر من 7 سنوات، فأرسل إلى خاله وإبن عمه الإمام تركي بن عبدالله يسأله تخليصه وإخراجه من السجن
وكان يراسله بين وقت وآخر، وقد أثر ذلك في تركي بن عبدالله وعبر عنه شعراً بقصيدة منها :
طار الكرى من موق عيني وفـرّا
وفزيت من نومي طرى لي طواري
وأبديت من جاش الحشا ما تـورّا
وأسهرت من حولي بكثر الهذاري
خطـٍ لفانـي زاد قلبـي بحـرّا
من شاكي ضيم النيـا والعـزاري
سر يا قلم وإكتب على ما تـورّا
أزكى سلام لأبن عمـي مشـاري
******
سعى تركي بن عبدالله بكل ما إستطاع لتخليص بناخيه وإبن عمه مشاري وتمكن فعلاً من إخراجه من السجن بعد أن دفع فدية كبيرة من المال للوالي في مصر، وقيل أنه دفع لمن قام برشوة حراس سجنه.
عاد مشاري إلى الرياض وعاش في كنف خاله الذي أكرمه وأدناه، لكن ذلك لم يمنع مشاري من التفكير والسعي للإستيلاء على الحكم بعد تنفيذ خطه محكمه لإغتيال خاله مستغلاً سفر إبن خاله فيصل بن تركي في أحد مغازيه إلى الإحساء.
عملية الإغتيال لم تكن تحتاج للكثير من التخطيط والتكتيك،خصوصاً وأن الحامي هو الحرامي، فقد أوعز مشاري لعبده إبراهيم بن حمزه الملّقب بـ حمزه بقتل تركي بن عبدالله بعد خروجه من صلاة الفجر، وقام ( يحشي راس العبد ) ووعده بحمايته من آل سعود كما وعده بخير كثير إن هو نفذ ما أوكل به.
عندما دخل الخال والبناخي إلى المسجد وجلسا بالقرب من بعضهما قبيل الصلاة أخرج الخال سواكاً وكسره وأعطى إبن أخته النصف ليستاك به.
تأثر البناخي بهذه البادرة اللطيفة من خاله وإستذكر بسببها مواقف خاله الطيبة معه وكيف كان سبباً بعد الله في إخراجه من سجن العثمانيين وعودته لأهله ثم إكرامه، فرأى أن يستخير عن قرار الإنقلاب والإغتيال، وخرج مسرعاً إلى حمزه المتربص في الخارج بـ فَرْدِهْ وأخبره أنه عدل عن الأمر
لكنه فوجئ بأن ( العبد مصنّفه ويّاه ) ولا مجال للتراجع أمام تنفيذ ما تم الإتفاق عليه، حاول مشاري ثني حمزه لكن العبد أنهى النقاش بكلمته المشهورة : فرد حمزه ثاير ثاير، فيك وألا فيه!
فكان أن رضخ مشاري للأمر وتم تنفيذ الإغتيال والإستيلاء على الرياض، لكن ذلك لم يدم طويلاً حيث علم فيصل بن تركي بما حدث فعاد من توّه إلى الرياض وتسّور رجاله القصر ليلاً وقتلوا مشاري بن عبدالرحمن كما قتلوا العبد إبراهيم بن حمزه
*
مجرد التفكير في الحُكم والسلطة والقيادة ينسيك حقوق وأفضال الآخرين عليك، وإن كانوا أولى قربى، وإن أكرموك وإفتدوك بالمال، وإن نظموا فيك القصيد شعوراً، وإن أعطوك سواكاً يطهّر فمك قبل صلاتك.
ما قام به مشاري عمل تكرر كثيراً على مدى التاريخ ولا حاجة للتوقف عنده والخوض فيه
الذي يحتاج لوقفة هو إصرار حمزه على تنفيذ الخطة وعدم التراجع حتى لو أدى ذلك لقتل مشاري أيضاً، فالذي يبدو أن حمزه إتخذ قراره لعدة أسباب منها أنه سيخسر كل الوعود التي قطعها له عمه مشاري مكافأةً له على عمله، فكان يؤمل نفسه بالحرية والمال والنفوذ، كما أنه يخشى في نفس الوقت أن يتراجع عن قتل تركي فيعلم الأخير بما أُضمر له فينتقم من حمزه فيخسر حمزه حياته بعد أن يخسر أحلامه.
بصراحه، حمزه هذا صاحب قرار وصامل ولديه وجهة نظر معتبره رغم أن قرار الإنقلاب والإغتيال لم يكن قراره!
*
في الحراك السياسي على الساحة المحلية الكويتية إعتقد حمزه أن الهدف هو تغيير النظام وإقرار الحكومة المنتخبة بأي وسيلة كانت ومهما كان الثمن ولا مجال للتراجع، وبدأ يشعر بأنه سيخسر أحلامه وربما حريته إن هو تراجع عما بدأه.
ورغم أنه لم يكن صاحب القرار إلا أنه ماضٍ في تنفيذ الإتفاق الذي عدل عنه أصحاب الفكرة والتخطيط والتكتيك.
لقد تراجعوا يا حمزه بعد أن حشو راسك بالأحلام والوعود ومزيدٍ من الحريّات.
حمزه الكويتي لا يفهم أن السياسة فن الممكن ولا يعترف بالحلول الوسط ويرفض المصالحة، ويبدو أنها ( مصنّفه ويّاه ) فهو ثاير ثاير، إما في الحكومة وألا في نهج أو في التنسيقية أو في الإئتلاف.
*
خلاصة القول :

تراجَـعَ مشـاري.. لكن حمـزه ما زال ثائـراً

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

خير في بطنه شر

يسمّونها الزاوية الميتة؛ تلك الزاوية التي لا تستطيع مشاهدتها من خلال المرآة الوسطى بالسيارة، أو مرآة السائق الجانبية، ومكانها خلف الجانب الأ...