يقول أبو سعد:
"اشتريت لإبنتي التي تدرس في الصف الأول ابتدائي علم الكويت وباجات
صور أمير البلاد وولي العهد بمناسبة الإحتفالات الوطنية، لكنني تفاجأت أن البنت ترفض
الباجات، وتقول: مابي هذي جيب لي صور بابا جابر"!!
في كل دوانية يكرر أبو سعد هـ السالفة الماصخة، وفي كل مرة
يشاركه الموضوع أكثر من شخص ولدىٰ كل واحد منهم أيضاً حكاية مشابهة.
وبشكل لافت ماصخ أيضاً نجد أن كثير من الشباب والنساء يتعمدون
في المناسبات الوطنية وضع ملصقات لصور الشيوخ الأموات على مركباتهم.
وهكذا وقاحة الكبار تمنح الصغار جرأة رفض صور الأحياء.
ماذا يعرف طفل في الـ 6 ـادسة من عمره عن جابر الأحمد الذي
توفى قبل أكثر من 8 سنوات، ومن الذي أدخل إلى قلبه حب هذا ورفض ذاك؟
ينكر أبو سعد وغيره أن أولادهم سمعوا منهم كلاماً أو تلقوا
توجيهاً قد يكون سبباً في اتخاذهم هذا الموقف - السلبي - من كل ما يتعلق بالحكومة والحكام.
من أين سمعوا إذن؟
ربما من أولاد الجيران أو من أقرانهم في المدرسة!
ومن أين سمع أقرانهم وأولاد جيرانهم؟
يمكن من ميري الشغالة!!
الطفل ابن بيئته، وصدى صوت أهله، وببغاءٌ يردد كل ما يُلقّن
ويسمع من ألفاظ تصدر ممن هم حوله مع جهله بمعناها، وقد سمع أولادنا ما نردده في مجالسنا
وانحازوا إلى مواقفنا تجاه الآخرين، فأحبوا من ظنوا أننا نحب، وأظهروا بغضاً لمن ظهرت
كراهيتنا له من خلال لغة خطابنا المتكرر على مسامعهم.
والآن / وبعد أن عرفنا بمن تأثر الصغار، يأتي السؤال:
كيف ترسخت هذه الثقافة في عقول الكبار؟
الجواب يحتاج لسرد طويل وتفصيل لا حاجة لتكراره، حيث ذكرتُ
في مقالات سابقة كيف تحولت الخصومة السياسية بين بعض النواب وحكومة ناصر المحمد إلى
خصام ومواجهة مباشرة بين بعض السياسيين وسمو الأمير (بعد طلاق حدس من الحكومة ورحيل
المحمد) بتكتيك متعمد انتهى إلى خطاب كفى عبثاً.
تبعات الأحداث السياسية وتصدر المشهد السياسي من قبل جهات
إعلامية وأشخاص يجهلون مبادىء وأبجديات العمل السياسي ويفتقدون لثقافة الإختلاف أوجدت
ثقافة الكراهية والنبذ والإقصاء والفرز الدخيلة على مجتمع ذو نسيج واحد تميز شعبه
بالترابط والتلاحم فيما بينهم، كما كان للحاكم دائماً نصيباً من الحب والمودة.
*
المهم / بالأمس شاهدت مقطعاً لنائب محترم سابق قدوة يداعب
طفلاً في الخامس الإبتدائي ويسأله: أنت مع الحكومة أو مع المعارضة؟!!
فيجيب الطفل: (مع المعارضة)، فيصيح أحد الحضور مشجعاً
"كفووو"!
ماذا يعلم هذا الطفل عن الحكومة والمعارضة؟
ماذا يعرف عن السياسة؟
وإلى أين ستذهب به هذه الـ"كفو"؟
ألا تخشون أن يكبر هذا الطفل ويكبر معه كرهه للحكومة ثم يجدكم
يوماً في موقع الحكومة ويجد غيركم معارضة؟!
ألا تخشون أن تحصدوا سوء ما تغرسون؟
دعوه يكبر ويميّز ويقرر.
اتركوا الصغار لينعموا بحياتهم ويستمتعوا بطفولتهم، بعيداً
عن خلافاتكم السياسية.
لا تفرضوا عليهم وصايتكم وتوجهاتكم، فالقضية هنا ليست فزعة
قبلية أو طائفية، أو تشجيع العربي والقادسية.
لا تزرعوا كره الحاكم والحكومة في نفوس الصغار وتوسعوا الفجوة
بين الشعب وقيادته، فقد يترتب على ذلك نشوء جيل لا يدين بولاءٍ لوطنٍ ترسخ في ذهنه
أنه ملك للحاكم فقط.
ألا تتفكرون كيف ترسخت فكرة الهجرة في أذهان الأجيال الأخيرة؟
أيها المواطنون / الحاكم لا يدوم والحكومات لا تعمّر، والمنطق
يستدعي أن نبقي على هيبة الحكومة، ورمزية الحاكم، حتى نحافظ على كيان الوطن، وترابط
أبناء الشعب.
لذلك يجب أن نبقي خلافاتنا السياسية في نطاقها.
*
خلاصة القول:
إفصلوا الأطفال عن السياسة
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق