من لا يقرأ التاريخ، لا يستوعب الحاضر، ولا يستشرف المستقبل.
صديق، اتصل يعاتبني، على بعض الحدّة، في نقاش، أقرب للجدل، مع آخرين.
سألته: أنت كنت حاضراً، وتستمع منذ بداية الكلام؟ قال: نعم، سألته: اذكر لي كيف بدأ الموضوع، عن ماذا كنا نتحدث؟ من بادر بالحديث؟ مع من؟ كيف تحول النقاش؟، قال: ما أدري، ما أذكر بالضبط، لكن.....، قلت: هذي مشكلتكم، لا تتذكرون البدايات، موجودون دائماً في الدائرة الوسط، في ميدان التقحيص، والجدل، والصيحة، لذلك يأتي تدخلكم في المواضيع، بالطريقة الخاطئة.
قال: حنا بس نعتب عليك لأنك أنت العاقل!!، قلت: العاقل يقدّيه عقله، وهو في غنىٰ عن نُصح زباين ميدان التقحيص، ومن لا يعرف كيف كانت البدايات، يصعب عليه فهم النهايات، وإيجاد الحلول.
*
نائب مجلس أمة منذ أكثر من 30 سنة، وما يزال، يقول: الـ10 سنوات الماضية، هي أسوأ 10 سنوات مرت على تاريخ الكويت!!، هذا النائب من المتواجدين دائماً، في ميدان التقحيص، جهل البدايات، فصعب عليه فهم النهايات، وهو واحد من مجموعة نواب، شهود، على 10 سنوات ماضية، و10 سنوات أخرىٰ قبلها، كلها أسوأ من هذه الـ10 الأخيرة.
لا أعلم ما هو مقياس، أو معيار السوء الذي استخدمه النائب، في الحكم على هذه الـ10، مع العلم أن راتبه ارتفع إلى الضعفين، خلالها، ورغم أنه يتمطرخ في المستشفيات الخاصة، بتأمين صحي بـ17 ألف، واشترىٰ بيت بـ600 ألف، وعياله نجحوا بالآيفون، اللي صار مهندس بالواسطة، واللي صار ضابط بالقرعة!!، ورغم أنها سنوات الكوادر، والعلاوات، والشهادات، ومباني الوزارات، والمدن السكنية، والمستشفيات، والطرق، والجسور المعلقة، والمطار الكبير، والخطوط الكويتية بحلتها الجديدة، وتطبيق سهل، وخبزة الشاورما!!، والميزات الكثيرة التي تمتع بها خلق الله في آخر 10.
يا نائب، يا فاضل، يمكنك انتقاد هذه الـ10، والشوارع المكسرة، وتبيان المثالب، لكن لا تزوّر التاريخ، وتغش مواليد الـ2000، يلقونها منك، وألا من مخرج أرطغرل، وسالم الزير، والحجاج!!
ربما تكون هذه الـ10 هي الأسوأ بالنسبة لك، على المستوىٰ الشخصي، أو الحزبي، لكنها ليست كذلك لغيرك من الناس، واعلم يا أبو الحبيّب، أن الحياة مهي مجلس أمة، وانتخابات، لكي تقيس عليها درجة حرارتك!!
*
كثير من الناس، تعرفوا على عبيد في فترة الدربكة، في ميدان التقحيص، لم يتعرفوا على فكره، وشخصيته، ونهجه، إنما تفاعلوا فقط مع ردود أفعاله تجاه أحداث تلك المرحلة، الإستثنائية، لذلك تعرضوا لصدمة النهايات، لجهلهم للبدايات، والعيب هنا ليس في عبيد، إنما في فهم الناس، الذين يكررون الوقوع في ذات الخطأ، مع آخرين، اليوم، ويتفاعلون معهم، بحسب ردود أفعالهم -المصطنعة- تجاه أحداث المرحلة الحالية، رغم أن بدايات أبطال المرحلة الجدد، تشير إلى نهايات صادمة، فهؤلاء في كل أحوالهم، لن يكونوا أفضل من عبيد، وبصيغة أخرىٰ: أعتقد أن عبيد، في كل أحواله، لم يكن أسوأ منهم.
وقد قيل: الجاهل من يكرر نفس الفعل مرتين، ويتوقع نتيجة مختلفة.
*
وعلى طاري الجاهل، قرأت لأحدهم، مهاجماً القضاء، بكلام معناه: "حرام تسجنون مواطنا، وتقيدون حريته، بسبب مشاركته في انتخابات فرعية"!، هذا البسيط، رأي النهايات، وجهل البدايات، التي تحكي أن السعدون، والبراك، ومبارك الدويلة، ونواب آخرين، في مجلس 1996 هم السبب في سجن مواطنين، وتقييد حريتهم، لتشريعهم قانون، لا هدف منه، سوىٰ إقصاء المنافسين، وهو قانون سيء، تعديله اليوم، أولىٰ من أولويتهم السخيفة، بتعديل قانون المسيء، والتي تخدم 3 نفر فقط، ودهم ينزلون انتخابات!
*
أحرِصُ دائماً على تقصّي كل حدث منذ بدايته، وأراقب مواقف الأشخاص، من القضايا المتشابهة، أتابع المشَاهِد حتى نهاياتها، وأنظر نتائجها، وقد علمتني الأحداث، أن مواقف كثير من الناس، التي تُبنىٰ في ميادين التقحيص، على وقع الصراخ، والإنفعالات، تنتهي بصدمات، ووجيه مطعّجه، وندم، وانكسار، و10 سنين ضايعة.
*
خلاصة القول:
لمعرفة النهايات، استرجع البدايات!
.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق