كانت المجالس كالمدارس، يتعلم منها المنصت أكثر من المتكلم،
ولا يمكن أن يخرج الرجل من مجالس الأولين إلا بفائدة، نصيحة، معلومة، أو سالفة فيها
حكمة، وفي أقل الأحوال تكون وسّعت صدرك!
اليوم نحن في زمن المجالس مهالس!
أكثر مجالس هالأيام ما لها، ولا عليها حل، نسخة مكررة من
بعض، ولو مررت ١٠ ديوانيات فلن يتغير عليك سوى الأسماء، وديكور السقف!
ففي كل مجلس، يكون الوضع العام اندماج تام مع الآيفون، باستثناء
اثنين أو ثلاثة يتحدثون عن آخر تحديث للآيفون، أو يختلفون حول إشاعة مصدرها الواتساب،
أو يكذّب أحدهم معلومة صاحبه الذي يسنّدها على تويتر، واذا وجدت أحد رواد الدوانية
غير منشغل في الآيفون، ولا يشارك في الحديث فلا تستعجل بالحكم عليه بزود الثقل، فقد
تكتشف أن الآيفون إنطفىء بعد أن فرغ شحنه، ولم يجد الشاحن شاغرًا!
وعلى طاري الشاحن، فمكان الشاحن أصبح المكان الأثير لدى رواد
المجالس، وهو صدر المجلس في هذا الزمان!
مستاء جداً، وأنتقد وضع المجالس وأنا أحد المسيئين لها باستخدام
الآيفون فيها.
ومستاء جداً أن أكتب هذا المقال وأنا على يقين أن كل رواد
مجلس مررت عليه هذا الأسبوع سيعتقدون أنني أعنيهم!
لا والله، لكنها ظاهرة تفشت، ولا أبرىء نفسها منها، وأتناولها
من باب نقد الذات، والبحث عن علاج لها
*
يقول الشاعر:
الصدق في بعض المواقيف منجاه
والمجلس اللي يزعلك لا تمرّه!
وين نروح يا الشاعر؟
فكل المجالس أصبحت تُزعل الصادقين، ويُزعل الصادقون روادها!
قلت لأحد هواة نشر خثاريق تويتر، وإشاعات الواتساب: كفى بالمرء
كذباً أن يحدّث بكل ما سمع، وهذا حديث ينطبق على كل من يتداول وينشر الأخبار من المصادر
المجهولة وغير الموثوقة قبل التثبت من صحتها، فقال: يعني أنا كذّاب؟؟
محشوم منت كذّاب! لكن راجع الحديث، وحاول أن تفهمه، وإن أشكل
عليك فهمه فاسأل العارفين عن مقولة البدو: فلان ما يجيب العلم!
*
خلاصة:
الآيفون سلاّل المرجلة
.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق