2015-04-19

سلمان صِدِيقي

بعد وفاة الملك عبدالله بن عبدالعزيز رحمه الله، وتحديداً أثناء مراسم العزاء، سألني أحد الأصدقاء عن رأيي في الأخبار و"التحاليل" التي انتشرت في تويتر، وتتحدث عن تغيير في سياسة المملكة تجاه الإخوان إيجاباً، والسيسي سلباً.
قلت: كيف تنبأوا بتغيّر نهج وسياسة ونوايا سلمان من ثاني يوم عزا؟
هذا إما شغل عوالم ، أو أمنيات ينشرها الخبثاء الحالمون ويرددها السذج المغفلون.
من يمتلك الحد الأدنى من الفهم السياسي يعلم أن تثبيت محمد بن نايف وزيراً للداخلية إنما هو إشارة ودلالة لا تقبل التشكيك على أن السياسة الداخلية للمملكة ثابتة ثبات راعي الرعلا ولن تتغير، لا سيما فيما يتعلق بملف الأحزاب والجماعات.
كما أن تعيينه ولياً لولي العهد رسالة أشد وضوحاً من شمس القايلة في جوٍ صحو بأن المملكة سائرة على نهجها السابق في سياستها الخارجية.
القراءة السياسية للأحداث والمتغيرات ليست مجرد "بربره" أو كلمة "تبجّها" من "حليقك" ثم تروّج لتصديقها والدفع للإقرار بها كأمر واقع.
القراءة السياسية تُبنىٰ على معطيات ويكون لها مؤشرات ودلائل، ثم يلمس الناس منها ما يثبت صحتها خلال أيام أو أسابيع أو شهرين ونص على أقصى حد!
مرت الأيام واصطدم الخبثاء المدلسون ومن خلفهم السذج المغفلون بواقع ينسف أمانيهم ويشتت أحلامهم؛ حيث إتضح لكل ذي بصيرة أن السياسة العامة للمملكة واحدة، لم ولن تتغير وإن تبدلت الأسماء، فكل قائد يكمل مسيرة من قبله.
نجاح مؤتمر مصر الإقتصادي بدعم لا محدود من الملك سلمان أكد ثبات الموقف السعودي ومتانة العلاقة مع مصر السيسي، كما أن مشاركة جيش مصر في عاصفة الحزم أكدت وفاء سيسي مصر بعهده واستمرار دعمه للخليج.
الغريب أن المروّجين لإشاعة "إنقلاب الملك سلمان على السيسي" وبعد أن ظهر زيف ما يروّجون وكذب ما يحدثون، رغم ذلك لم يتأثروا و"ما عرقت وجيههم" واستمروا بالعيش مع الناس بـ"وجيهٍ باردة"!
الغريب أيضاً أن بعضهم لا يزال يحاول إقناع الناس أن سياسة الملك سلمان فيما يتعلق بحرب الحوثي تختلف عن سياسة الملك عبدالله، ونسي هؤلاء أن الملك عبدالله حارب الحوثي، وأن عاصفة الحزم إنما هي إستمرار لما قبلها من حروب إتخذ قرارها الملك عبدالله وإن إختلف الأسلوب.
والأغرب أنهم أصبحوا يرون - مثلنا - أن الملك سلمان مثال للقائد الحازم، الحكيم، صاحب القرار، ويفخرون به - مثلنا أيضاً - رغم أنه جاء إلى الكرسي بالوراثة، ويحكم بالمركزية والتفرد بالقرار، "ولا طاري للديموقراطية عنده"، وكل ما يقوم به تجاه سقف الحريات، والمال العام إلخ، يتناقض مع مبادئهم وشعاراتهم وثوراتهم! مما يؤكد أنهم إما منافقين يتزلفون القوي المنتصر وينشدون رضاه، أو أنهم لا يبحثون فعلاً عن الديموقراطية والحريات المزعومة بقدر حاجتهم لقائد يرضي طموحهم، ويحمي حدودهم، ويؤمن أموالهم ويحفظ أعراضهم، ويعيد للمسلمين مجدهم، وللعرب وحدتهم.
المهم / اللي حصل هو أن قادة دول التعاون "ما ردوا على أحد" واتبعوا سياسة فرض الأمر الواقع وأرغموا أنوف دعاة الثورات خرفان "خريف هيلاري كلينتون العربي"، فعبروا ببلدانهم وشعوبهم مرحلة الفوضى الخلاقة التي طالت الدول العربية من حولهم.
قادة دول مجلس التعاون حققوا نجاحات كبيرة على المستوى الإقتصادي، والعسكري، والسياسي، فلهم كل الشكر والعرفان، ولا عزاء للثيران!
ومع ذلك نقول / حكومات مجلس التعاون مطالبة بالإلتفات إلى الداخل قليلاً وتحقيق طموح المواطن الخليجي .
خلاصة القول:
ما كل من قال سلمان صِدِيقي صار صِدِيقه!

هناك تعليقان (2):

  1. عادة أستمتع بقراءة مقالاتك. هذه المرة جعلتني أضحك بصوت عالٍ.
    وفقك الله للكتابة الطيبة . استمر

    ردحذف
  2. وفقك الله لكل خير وسددك ونفع بك

    ردحذف

خير في بطنه شر

يسمّونها الزاوية الميتة؛ تلك الزاوية التي لا تستطيع مشاهدتها من خلال المرآة الوسطى بالسيارة، أو مرآة السائق الجانبية، ومكانها خلف الجانب الأ...