قديماً / يقال أن معلولاً، مبطوناً، أقعده المرض، وآيس الأطباء
من شفائه بعد أن جربوا معه علاجات عدة، وأخضعوه لـ"حِمية" عن كثير من أصناف
الطعام ولمدة طويلة، حتى نسي طعم الملح والسكر! وفي النهاية أخبروه أنه سيموت خلال
أشهر، فقال لأهله: ما دام الأمر هكذا، فأجلسوني عند الباب كل يوم، أقضي ما بقي لي من
عمر، أطالع الناس، وأشتري ما أشتهي، فإذا جاء المساء أدخلوني. ففعلوا.
وكان كلما مر به بائع طعام متجول اشترى منه وأكل، وأمضى أياماً
على هذه الحال.
وفي ضحىٰ يوم، نادى على أهله باكراً على غير عادته، أتوا
فإذا هو ليس بخير حال، وظنوا أنه ينازع الموت، فأدخلوه، وقد انتابته حالة قيء شديدة،
وإعياء، وإسهال، وارتفاع في حرارة الجسم، واستمر على هذه الحال ثلاثة أيام، ثم أنه
عرق عرقاً كثيفاً، ثم أغمي عليه، فلما أفاق فإذا هو يشتكي الجوع، فأطعموه، فأكل حتى
شبع، وشرب حتى إرتوى، ثم نام نوماً عميقاً، واستيقظ بعد أن ظنوا أن لن يستيقظ، لكنه
فعل، ثم أن أطرافه تحركت، فقال لأهله أقعدوني، ففعلوا، فجلس، ثم أحس بقوة في جسده،
فقال أسندوني، ففعلوا، فمشى يتهادى بينهم، ثم مشى لوحده، وخلال يومين عاد صحيحاً، معافىً،
فابتهج أهله، وشاع الخبر، وعلم به أحد الأطباء، واستنكر أن يتعافى ذلك المريض، وهو
أعلم بحاله، فجاء إليه وسأله: ماذا فعلت لتعود إليك عافيتك؟
قال: لا شيء، إلا أنني جلست في الطرقات، وأكلت كل ما حرمتموه
علي بسبب الحمية، وآخر ما أكلت هو جراد مشوي اشتريته من بائع متجول، فحل بي ما حل،
ثم تعافيت بعدها!
تقصى الطبيب خبر بائع الجراد، حتى وجده، وسأله: ماذا بعت
للمريض المقعد في ذلك المنزل؟
فأخبره البائع: بعته جراد مُكْن، أصطاده من مكان كذا، وأشويه،
ثم أبيعه على الناس.
قال الطبيب: فخذني إلى المكان الذي تجلب منه الجراد، فأخذه،
فوجد أن الجراد يرعىٰ عشبة مسمومة، فخمن بخبرته أن السم تحول بأمر الله إلى علاج، وكان
سبباً في شفاء ذلك العليل الميؤوس من حالته!
*
خلاصة القول:
اللهم أرزق الأمة الإسلامية، والعربية أكل الجراد المشوي!
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق