في حديث طويل متداخل متشعب عن الثورات والخراب العربي،
حديثٌ لا تسعه أيام ولا أسابيع لربط خيوطه، ولملمة أطرافه، كان أبو سعد يظهر
إهتماماً وتفاعلاً وحماساً لمعرفة حقيقة الأمر، لكنه رغم خوضه معنا في الحديث
وتفاصيله فإنه لم يبدِ أي معلومة يستفاد منها، وختم مشاركته بـ:
"الله يرحم والديكم فهموني السالفة بشكل مختصر، ترى ما لي خلق
أفكر"!
لا يا الحبيب، لازم تفكر.
لكي تفهم يجب أن تفكر، ولكي تستوعب يجب أن تحسن
الإستماع، ولكي تستزيد يجب أن تقرأ، وتتابع، وتشاهد، وتوسع مداركك، ثم تجمع كل ذلك
وتتفكر!
السالفة يا الحبيب مهي وجبة برغر كنغ، تطلبها وأنت
منجضع، وإذا وصلت تزقطها بدقيقتين، وتلحّقها قوطي بيبسي، وتختمها بترْعه!
لكي تفهم النهايات، يجب أن تعود للبدايات!
خلك معي /
سأعطيك الخيوط، وعليك الإمساك بطرفها، وتتبعها حتى تتضح
لك الصورة بشكل يسمح لك بفهم حقيقة الثورات العربية التي فرح بها المغفلون.
البداية كانت مع التسريب الخبيث المتعمد لوثائق
ويكيليكس، والتي إعتبرها بعض العرب قرآناً لا مجال لتكذيبه والعياذ بالله!
كان التركيز مُنصَبّاً على نشر فضائح الحكومات العربية
دون غيرها، حيث كان الهدف الأساسي هو إسقاط قيمة وهيبة الحاكم العربي من عين
الشعب! وذلك ما حدث فعلاً.
ثم تأتي الخطوة الثانية؛ وهي تحريك المظاهرات... بشكل
خاص في مصر والدول المحيطة بها، وفي السعودية والدول المحيطة بها أيضاً!
لذلك جاء الحراك الكويتي متزامناً مع مشروع الفوضى
الخلاّقة، والتخاريف العربية، وقد غاب عن ذهن كثير من الناس في الكويت سبب إنحياز
الإخوان"حدس" إلى الشعب بشكل مفاجىء، وتخليهم عن حليفهم (الحكومة)، ولا
يجهل إلا جاهل بأن كوادر حدس هم من قاد الحراك "بصورة غير مباشرة"، وهم
من أخرج الناس إلى الشارع، وطالب بالتصعيد إلى أعلى درجة.
*
هل فكرت يوماً كيف أن الثورات لم تندلع إلا في الدول
العربية؟
ولماذا كان حزب الإخوان طرفاً أساسياً فيها جميعاً بلا
إستثناء؟
*
نشرت تسريبات وثائق ويكيليكس كل كبيرة وصغيرة عن
حكوماتنا،
لكنها لم تنشر فضائح أمريكا والغرب.
*
ثار كل العرب، لكن الشعوب المضيومة، المظلومة، المسلوبة
حقوقها، المغتصبة أراضيها، المنتهكة سيادتها في كاتالونيا، وايرلندا، واسكتلندا،
لم تثر!
*
ساند الغرب كل الشعوب العربية الثائرة، ولو كان ذلك من
باب نصرة المظلوم، وتحقيق العدالة، لكانت شعوب أوربا أولى بالنصرة!
*
يا أخوان، ويكيليكس مهي بـ قرآن، والثورات العربية غلطة
شارك فيها خبيثٌ وغبي، وكثير منكم أيقن ذلك، حتى أن الذين كانوا يسمونها ربيعاً
أصبحوا يستحون اليوم من تكرار ذلك اللفظ!
*
لا تستمروا في الغي، ولا تجعلوا الغرب يستمر في إستغلال
كرهكم للحكام وللحكومات في تنفيذ أجندته، وتمزيق ما تبقى من دولكم.
*
خلاصة القول:
فـكّــروا، واللي ما يفهم في السياسة لا يتكلم فيها