"هذه المنطقة غير صالحة للسكن لإرتفاع نسبة الإشعاع فيها، لكن
موقعها على البحر يخفف نوعاً ما من خطورة تأثير الإشعاعات القاتلة.. عليكم
بالإكثار من شرب الحليب".
كان ذلك
جزءًا من حوار ونصيحة وجهها ضابط بريطاني قبل 20 سنة لأحد الأصدقاء العاملين في
منطقة الشعيبة، وقد رواها لي شخصياً.
وعلى الهامش
زودني نفس الصديق بمعلومة يؤكدها ومصدرها مسؤولة في معهد الأبحاث مفادها تشبّع
المنطقة الشمالية من الكويت بمادة اليورانيوم المسببة للسرطان، والتي إستخدمتها
أمريكا وحلفاؤها في حربهم على العراق، لكن المسؤولة تقول أن لديهم تعليمات مشددة
بعدم الإفصاح عن مثل هذه المعلومات، ربما لعدم إثارة الذعر بين المواطنين!
وكأن الحكومة تقول: لا تذعروهم، واتركوهم يموتون ببطء!
الحكومة
كعادتها لا تتحمل مسؤولياتها ولا تقوم بدورها في الحد من خطورة التلوث البيئي،
الذي تسبب به حلفاؤنا أعداؤنا في تجاربهم إبان حرب العراق!.. فهي لا تقوم بأي
إجراءات وقائية تجنب المواطنين خطر الإصابة بالأمراض التي سببتها – وما زالت – تلك
الإشعاعات الخطرة، كما أن حكومتنا تغش مواطنيها بعدم التحذير من خطورة التواجد
بالقرب من هذه المناطق الملوثة، ولا تقدم برامج توعية تساعد المواطن على حماية
نفسه.
يبدو أن صحة
المواطن ليست ضمن أولويات الحكومة ولا حتى ثانوياتها وربما لا تدخل ضمن إهتماماتها،
ونوابنا الأفاضل ينالهم من الردى جانب، فأطلقهم شنب إكتفى بتقديم سؤال شكلي – لم
ينتظر رده – عن هذه الكارثة بعد إلحاح من أحد أقرباء مريض سرطان لم توافق الحكومة
على سفره للخارج بحجة توافر علاجه في الكويت! وش علاجه يا حجّي.. الناس تموت بين
أيديكم وأنتم شركاء في قتلهم.
يا نوابنا
الأفاضل، والكلام موصول للغير أفاضل أيضاً.. صحة الإنسان أولى من المال العام
وكوادر الموظفين، وأولى من الكرامات الوهمية والحريات الزائفة والحكومة المنتخبة
مدري الشعبية.
وعلى طاري
نوابنا فقد إلتقيت بأحد النواب السابقين أثناء زيارتي لأخ عزيز أصيب بمرض السرطان
– نسأل الله له الشفاء.. وهذا الأخ كانت له وقفات تبيض الوجه مع ذلك النائب السابق
الذي لم يكن – وبكل أسف – على قد الهقوة – وتردّى في صاحبه - في مثل هذه الظروف
الصعبة، فقد إكتفى بالزيارة وبعض الوعود التي لم يفي بشيء منها حتى الآن..
وهكذا هم!..
لا تنشط خلايا الطيب عندهم إلا قبيل الإنتخابات!
وهم أشبه
بشجرة الكونوكاربس التي تهتم الحكومة بزراعتها وكذلك يفعل كثير من الناس إعتقاداً
منهم بفائدتها مغترين بلونها الشبيه بلون كرسي المجلس، وسرعة نموها الذي يذكرنا
بسرعة نمو حسابات القبيضة، كما أنها شجرة زينة يسهل تشكيلها كأصحابنا النواب الذين
تشكّلهم الحكومة بما يتناسب وفسادها، والكونوكاربس أيضاً تستخدم كساتر جيد مثلما
تستخدم الحكومة نوابنا في حمايتها من الإستجوابات، والخلاصة أن الإثنين ضررهما
أكثر من نفعهما وإن بدى لكم غير ذلك.
******
أثناء بحثي
عن مضار الشجرة غريبة الأطوار الكونوكاربسconocarpus أو الدماس كما يطلق عليها البعض، قرأت خبراً
وردت فيه هذه الجملة المرعبة:
”الكونوكاربس تنشط الخلايا السرطانية”..
هذا الخبر
ينسبه مورده إلى جريدة عكاظ السعودية، لكنني لم أقف على ما يؤكد ذلك كما لا توجد
أي إشارات إلى حقيقة تلك المعلومة رغم بحثي المكثف.
لكن ذلك لم
يغير رأيي في الشجرة الغريبة الأطوار، فلا زلت أكرهها كرهي للغرقد شجر اليهود.
في بحثي عن
هذه الشجرة وجدت أن هناك نوعين منها، نوع أمريكي والآخر سعودي مهجّن، ولها أضرار
صحية تتمثل في الإصابة بأمراض حساسية الأنف والشعب الهوائية بسبب تصاعد غازات مضرة
منها وتطاير غبار اللقاح..
وتعتبر
ثمارها ذات رائحة نتنة ويتجمع حولها البعوض والذباب من الحجم الكبير وهي بيئة
مناسبة للحشرات.
كما أنها
تتلف أنظمة الصرف الصحي بواسطة جذورها القوية المعتدية بطبيعتها والتي تمتد
لمسافات بعيدة بشكل أفقي، ولها القدرة على التوغل داخل شبكات الصرف بحثاً عن الماء
مما يتسبب في إغلاقها أو تكسيرها، كما أنها تعمل تشققات في أسفل الجدران وتتلف
خدمات البنى التحتية.
بلديات أبو
ظبي ودبي والشارقة إستشعرت المسؤولية بعد ثبوت خطورة وضرر الدماس وقامت بحملة
توعية لتنبيه مواطنيها من خطورة هذه الشجرة، صاحبتها حملة إزالة لأشجار
الكونوكاربس من المناطق السكنية ومواقف السيارات والمماشي وأرصفة المشاة.
ونرجو في الكويت أن تتخذ حكومتنا خطوات مماثلة، لكنني لا أنصح المواطنين
بإنتظار تلك الخطوات راجياً أن يبادروا لحماية أنفسهم بإقتلاع هذه الشجرة
واستبدالها بغيرها، مع شعوري بأن كثير منهم لن يفعل وسيجد لنفسه أعذاراً كعذر شارب
الدخان.. فالإنسان عدو نفسه.
*****
خلاصة القول:
حكومتنا
كونوكاربس، ونوابنا كونوكاربس، وكثير من شعبنا كونوكاربس
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق