في بداية الـ90ـيـات زاملني شاب كويتي على درجة عالية من
الثقافة اسمه عاطف.
انسان مثالي جداً، مؤدب، يربط حزام الأمان، ما يطوف الإشارة،
يتحدث دائماً بهدوء، يحفظ بعض سور القرآن، وكثيرًا من الأحاديث الشريفة، ويستدل بها
في نقاشاته.
درس الفلسفة الإسلامية في جامعة أمريكية، تعلم، تنوّر، وتفتّح
عقله حتى تفتّق!
عاد من أمريكا بالفلسفة، لكن هويته الإسلامية لم تعد معه!
فكان لا يصلّي.
قلت له مرة: رجل بعلمك، وبثقافتك، وبأدبك، وبكم الآيات والأحاديث
التي تحفظ، ولا نصيب منك أو لك من الدين، حتى الصلاة ما تصليها؟؟
قال: الدين الموجود هذا مهو بالدين الذي أتى به محمد صلى
الله عليه وسلم، و"آنا" ما أقتنع بالعبادات العادات حتى "ييي اليوم
" اللي يعود فيه الدين إلى مرحلة "إذا سرقت فاطمة قطعت يدها" / هكذا
قالها، وألحقها بكلام فلسفي مستفز، وكان مني رد بقدر ما كان منه، الوكاد بغينا نتهاوش
هاك الساعة!!
كم عاطف لدينا هذه الأيام؟!
عاطف ينتهج فلسفة وفكر الليبراليين وهو ليس منهم، لكنه يفعل
ذلك لكي لا يتقيد بالعبادات، أو العادات. فينتقد إمام المسجد ورواده حتى لا يلتزم بالصلوات.
يلوي عنق الآيات، يحرّف النصوص، يكيّف الفتاوىٰ، يحكّم عقله
في الحلال والحرام، ويتمادى في ذلك حتى يصل إلى مرحلة الإنسلاخ من الدين، ثم يتبع ذلك
بانتقاد عادات وتقاليد مجتمعه وتحقيرها، ليعيش وهم التحرر من القيود!
مع انتهاء دوام يوم الأربعاء توجهت إلى الصمان في جولة قصيرة،
وهناك في أحد مجالس أهل الإبل إهتم أحد الشيبان بالحديث معي كوني من الكويت، كانت هيئته
تخبرك بهويته، وأكاد أجزم أنك لو إلتقيته في "زل أم سي" لما جهلت أنه راعي
إبل.
بعد أن سألني عن أحوال الكويت وأهلها بعد التحرير، قال: لي
ابن عم رحل إلى الكويت وهو بزر، كبر وتزوج وعاش في مناطق الحضر، وكان يتواصل معنا أول
عمره مع عياله من وقت لوقت، وعقب ما توفى انقطعت أخبار عياله، اسمه فلان بن فلان الفلاني،
وعنده ولد اسمه عاطف!
قلت: وصلت خير يا أبو مطلق، عياله طيبين، ورياجيل / وعطيته
نبذة من الجانب الإيجابي لحياة عاطف، وكتمت العلوم اللي ما تسر.
*
قبل أشهر قليلة حدثني أحد الأصدقاء عن مسؤول في منصب قيادي،
اعتبره من الكفاءات الوطنية المخلصة، وأثنى عليه كثيراً، وقال لي: ربما تعرفه، كان
يعمل في إدارتكم قبل أكثر من 20 سنة، وهو انسان ملتزم، سلفي المنهج، واسمه عاطف بن
فلان الفلاني!
قلت: بناخي أبو مطلق! سبحانه يهدي من يشاء!!
*
خلاصة القول:
الإسلام دينٌ حق، والليبرالية فلسفة كاذبة
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق