2015-05-18

هجاد ليل

زمان / يوم أن (نجد) مكاون ومغازي، وسلب، وحنشلة، والقوي ياكل الضعيف، وما يفك الحلق إلا اليدين، قامت قبيلة بغزو قبيلة أخرى في جوف ليلة باردة ماطرة من ليالي المربعانية، وهذا التوقيت في الغزو يسمّى "الهجاد".
تفوّق الغزاة مستفيدين من عنصر المباغتة وتوقيت الهجوم، محققين هدفهم الذي جاءوا من أجله وهو "كسب الحلال"، الذي هو أساس وغاية كل ما يقومون به من فعل "حرام" من قتلٍ، وسلبٍ، وانتهاك حقوق، وترويع آمنين.
الوكاد / تناخىٰ أفراد القبيلة المهجودة فيما بينهم واستفزع الأمير فرسانه لرد العدوان وافتكاك الحلال، الذي كسبوه هم أيضاً بنفس الطريقة من قبيلة أخرى!
كرّ الرجال على الغزاة مرة ومرتين، لكنهم لم يظفروا بشيء، وبانت بوادر الإنهزام على تفاصيل وجه الشيخ الذي يقف مصدوماً أمام "الرفّة" وبجانبه جلاّل القهوچي الذي إلتحق بالعمل لدي الشيخ مؤخراً ولا يعلم أحدٌ حقيقة شخصيته.
تأثر جلاّل بانكسار عمّه وكثرة تعزويه مع قلة حيلته بسبب كبر سنه، فما كان من جلاّل إلا أن تحرك بهدوء إلى داخل الرّفه وأخذ سيف عمه المعلّق في واسط البيت وانسل إلى مربط فرس الشيخ وقفز على ظهرها وغار باتجاه الغزاة حتى لحق بهم فضرب أدناهم، ثم أتبعه الذي يليه فالذي يليه، وهكذا حتى أردىٰ منهم 9 فرسان، وكان كلما قتل فارساً وأسقطه خضّب يده بدمه وضربها على فخذ حصانه كعلامة له على مقتل صاحب هذا الحصان.
إرتد جلاّل حلال معازيبه، بعد أن انهزم بقية القوم الغزاة، فعاد قبيل الفجر وتسلل كما خرج بهدوء وربط الفرس وأعاد سيف عمّه دون أن يشعر به أحد، وجلس بجانب الوجار يصلح قهوة الصباح.
ومع بزوغ الشمس رأى الناس الحلال قد رُدَّ إليهم، ومعه 9 من خيل الغزاة، فتساءل الناس عن ذلك، ومن هو صاحب الخضاب المطبوع على أفخاذ الخيل!
كثرت أصوات رجال القبيلة متفاخرين بأفعالهم ليلة البارحة في صد العدو ونسب بعضهم علامة الـ لنفسه، فقال الشيخ: من يثبت أنه فعل ذلك وتطابق مقاس يده والخضاب الموجود على أفخاذ الخيل فالأنفال له وسوف أزوجه إبنتي.
تسابق فرسان القبيلة الذين شاركوا في القتال، وحتى الذين لم يشاركوا "وكانوا مسوين نفسهم نايمين " لمطابقة أكفهم والخضاب لعلهم يظفروا بالجائزة، لكن كفوفهم قصرت دون حجم الخضاب جميعاً، فحار الشيخ فيمن يكون ذلك البطل المجهول، وسأل: هل بقي أحد من رجال القبيلة لم يحضر؟؟
قال أحدهم: لم يغب أحد، إلا القهوچي جلاّل يا طويل العمر!
إلتفت الجميع باحتقار إلى جلّال الجالس هناك بجانب الدلال، ولسان حالهم يقول: اللي عجز عنه أطيب الرجال مهو بكفوٍ له جلاّل!
تعال قيس كفك يا جلاّل... قالها الشيخ وظنه به ليس ببعيد عن ظن قومه.
لكن جلاّل تقدم بثقة وهو يرتجز قائلاً:
سمّوني جلاّل وأنا محمد / شِبري على شبر الرجال يزودِ
وضرب بكفه على فخذ الحصان فكانت بالمقاس تماماً!!
* وأكيد عرفتوا نهاية القصة
————

والآن / أيش قصة جلاّل أو محمد؟؟
كان محمد يعيش في كنف أخيه الكبير حماد الفارس الشجاع الكريم، والذي غطت سمعته على ذكر محمد فعاش مهمشاً في قومه، مما أثر فيه واعتزل كثيرا من مجالسهم مختاراً الوحدة حتى قال عدد منهم عنه "مهو صويحي".
وحصل خلاف بين حماد وأحد كبار قومه، فقام أولاد وأحفاد ذلك الكبير بقتل حماد وكان عددهم 7، وحين علم محمد عاد من خلوته ووجد القوم مجتمعين لدى شيخ القبيلة الذي أراد إحتواء الموضوع، وقال لمحمد: إن القوم يعرضون عليك ما تريد إن أنت تنازلت عن دم أخيك، فاطلب ما شئت.
نظر محمد في وجيه القوم وقال:
أبي سبع النجوم وتيسهن معهن!! فـ ضرط كبير القوم!!
وخرج محمد إلى مكانه الذي يختلي فيه.
إستغرب الأولاد والأحفاد توتر أبيهم، ولاموه على إرتباكه وإحراجه لهم أمام الشيخ لأنه ضرط خوفاً، وقالوا: محمد هذا مهو صويحي وما منه خوف.
فقال الكبير: النجوم السبع محد يقدر يجيبهن / أنتم الـ 7 وأنا التيس! سيقتلكم محمد لا محالة.
وفعلاً / لم تفت تلك الليلة إلا والجميع قتلى بسيف محمد، الذي هجدهم ثم جلا من القبيلة من ليلته ولحق بتلك القبيلة التي عمل بها قهوچي وجلاّل!
*
خلاصة القول:
لا تقولون مهو بـ صويحي!
*
النجوم السبع وتيسهن / النجم القطبي
*

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق