2014-07-28

أرثَعوا فـ الحِلّهْ

بعد تحصين مرسوم الصوت الواحد دستورياً، أرادت فئات من الشعب الكويتي ممارسة حقها في المشاركة السياسية والترشح لانتخابات مجلس الأمة رافعين شعار "نتركها لمن؟" لكن رغبتهم قوبلت بالاستنكار والرفض من قبل فئة أخرى مارست عليهم ضغطا سياسيا وارهابا فكريا، والتهديد بعزلة اجتماعية ونبذ وشتم وتصنيف وطرد من الديوانيات بعد أن اتخذت "حشد" و "حدس" وبعض النواب السابقين موقفاً بعدم المشاركة في الانتخابات ترشحاً وتصويتاً بعد بيان صادر تلخص في كلمة أحمد السعدون المشهورة:
 "نترك الوضع السيء للسيئين"

أحجم كثير من الناس عن المشاركة تحت ضغوطات الأصوات المرتفعة والتغريدات الموجهة فخرجنا بمجلس أمة مهمته إضفاء الشرعية على مشاريع الحكومة وتمرير قراراتها.

نعم يا سيّد أحمد لقد تركتم الوضع السيء للسيئين فعملوا ما بدا لهم و "أرثعوا في الحِلّهْ" وتضرر البلد وتعطلت مصالح الناس، وسُجن المراهقون، وسُحبت الجناسي، وأصبحنا نعيش الغربة في الوطن بعد أن أخلينا الساحة للسيئين بإقصاء أنفسنا من المشهد السياسي الذي كانت كفته تتأرجح بيننا وبين الحكومة بـ14 نائبا وبـ17 نائبا، لكنه كان عدداً كافياً نوعاً ما لمنع جزء من الفساد ورفع بعض الظلم وإيقاف كثير من القرارات الجائرة.

واليوم نرى الفساد ولا يد لنا في منعه أو الحد منه، وأكثر ما نستطيع هو الدعاء على الظالم والولْولة في المجالس وفي تويتر نادبين حظنا على الخسائر التي تكبدناها والمستقبل المجهول الذي ننتظره أو ينتظرنا.
ومن هو الخاسر الأكبر؟
ليس أنت بالتأكيد يا أبو عبدالعزيز، ولن تكون حدس التي عادت لحضن الحكومة، وليسوا دكاترة الجامعة المحتفظين بوظائفهم، ولا الأغنياء المؤمّنين مستقبلهم بأملاك في قريه والقصيم والبوسنة ولندن، ولا التجار الكانزين الأموال، ولا أصحاب الشركات الحائزين على المناقصات، ولا المحامين الذين يقتاتون على مصائب الناس، ولا الإعلاميين المتنقلين بين المعازيب ملاّك وسائل الإعلام، ولا فداوية الشيوخ، ولا شيوخ المعارضة الطارئة.
الخاسر الأكبر هو الوطن، ثم المواطن البسيط الحائر الذي يعاني من فساد الحكومة ولا يثق بمعارضة أخطأت طريق العمل السياسي وضمت في قائمتها أسماء تمرغت في وحل الفساد الحكومي سنين طوال.
 *
وبمناسبة  "مصيبة سحب الجناسي" نترحم على حمود الزيد الخالد الذي اعترض على اطلاق يد الحكومة في سحب الجنسية دون محاكمة / كما نشكر الدكتور عبيد الوسمي الذي تنبه لهذه المسألة وقدم اقتراحاً بقانون يقيد القرارات الصادرة في مسائل الجنسية ولا يعتبرها من أعمال السيادة.         
*
خلاصة القول:
استهزأوا بـ نتركها لمن / وتركوها للسيئين / فـ أرثعوا في الحلّه
*

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

خير في بطنه شر

يسمّونها الزاوية الميتة؛ تلك الزاوية التي لا تستطيع مشاهدتها من خلال المرآة الوسطى بالسيارة، أو مرآة السائق الجانبية، ومكانها خلف الجانب الأ...