2010-03-05

خصخصة الدستور

هل تذكرون سيناريو قانون علاوة الأولاد وكيف نجحت الحكومة في تقليص العدد إلى خمسة أولاد في بادئ الأمر؟، ثم جعلت من النواب أضحوكة حين دفعتهم إلى تقديم اقتراحات وتعديلات أدت في النهاية إلى زيادة العدد إلى سبعة، وهو العدد الذي كانت الحكومة تسعى إليه في غفلة من النواب.
وللأسف الشديد، فقد اعتبر بعض نواب الأمة أن ذلك التعديل بمنزلة إنجاز، بل انتصار في ذلك الوقت.
اليوم يتكرر نفس السيناريو مع قانون الخصخصة، أو قل إن شئت قانون الكروتة الكبرى!

أعتقد أن الحكومة ليست حريصة على خصخصة القطاع النفطي والتربية والصحة ـ في هذه المرحلة على الأقل، لكنها تمارس طريقتها المستهلكة القديمة عندما تطالب بالحد الأقصى أي الخصخصة الشاملة، وفي واقع الأمر هدفها دون ذلك، وهذا ما سيتضح عند موافقتها على التعديلات التي سيتقدم بها بعض النواب الطيبين الغافلين، أو المتغافلين عن حقيقة ما يحاك للشعب بمساعدة نواب الشعب!
هذه هي الخطوة الأولى وفيها يؤكل الثور الأبيض، وباستطاعتكم استنتاج الخطوات اللاحقة.

الخصخصة بمفهومها العام لا اعتراض عليها، وتشريع قانون لها من شأنه أن يدخل نوعا من الطمأنينة إلى نفوس المرتابين المتوجّسين الخوف من التاجر الجشع، خصوصاً إذا صاحبت هذه التطمينات بعض التعديلات على القانون، مثل ضمان نسبة الموظفين الكويتيين وضمان سقف رواتبهم وضمان استمراريتهم في وظائفهم!
لكن من يضمن لنا متانة هذا القانون أصلاً، وهل نثق بأنه سيطبق على الوجه الصحيح أم يكون شأنه شأن بعض القوانين المبهمة والتشريعات المليئة بالثغرات، والمستمدة من الدستور أبي القوانين الذي اتضح أنه فيه خلل وقصور. 

ليس عيباً أن نكتشف بعد مرور 50 عاماً من صياغة الدستور أن هناك خللاً وثغرات يستوجب سدها، وسدها يكون بإسناد الأمر لأهله خبراء الدستور والقانون، صارفين النظر عن التعديلات المقترحة من قِبَل بعض نواب الأمة، أهل الأهواء والأهداف الشخصية الساعية لتقليص الحريات وخصخصة الدستور.


أقول كما قال سعد الفرج لنبدأ من (يد ويديد)، نجري بعض التعديلات على الدستور، ونصيغ قوانين وتشريعات شاملة جديدة بعد فحصها كي (لا تخر الماي) ولنبعد الحرج عن الوزراء والمسؤولين الذين يصدرون قرارات يعتقدون بصحتها، ويتضح لهم لاحقاً أنها غير قانونية وغير دستورية، حيث تسقط ويتم إلغاؤها مع أول شكوى. بعد ذلك نسمح للوزير بالعمل بعقلية التاجر في وزارته – وأغلب الوزراء تجار في الأصل ـ تحت رقابة ديوان المحاسبة ومجلس الأمة، فقد ينجح الأمر ويكفينا الله شر الخصخصة التي يقال إنها لا تنجح في بلد يعاني الفساد الإداري وتتفشى فيه الرشوة!

أحد الإخوة المتمرسين سياسياً والذي كان تأييده للخصخصة مفاجأة لي بحجم مفاجأة موافقة السعدون عند مؤيدي كتلة العمل الشعبي، هذا الأخ يردد هذه الأيام: القطار ماشي ماشي، يا تركب يا تقعد!
 أقول لهذا الأخ العزيز جداً: أخاف يحذفونك من القطار وهو ماشي!


خلاصة القول: تُعرف الخصخصة بأنها تحويل ونقل ملكية وإدارة القطاعات الاقتصادية والخدمات الاجتماعية من القطاع العام إلى القطاع الخاص!


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق