يقال -وعلى ذمة الراوي- إنه وفي إحدى زيارات صدام حسين التفقدية للاطمئنان على حال الشعب - كما كان يصورها الإعلام العراقي - دخل الريّس بيت أحد المواطنين البسطاء لتسجيل حلقة من حلقات مسلسله الطويل، الذي انتهى على يد ممثلين أكثر احترافاً ليبدأوا مسلسلاً طويلاً آخر.
المهم، أن الريّس أراد مداعبة أحد الأطفال في ذلك المنزل بعد أن سأله عن اسمه وعن صحته، ثم سأله: تـعرفني عيني؟ وعلى الفور أجاب الطفل وبكل براءة وصدق: نعم أعـرفك، إنت اللي كل ما تطلع في التلفزيون أبوي يتفل عليك!؟! ولكم أن تستنتجوا ماذا حدث بعد ذلك لأهل ذاك البيت!
تذكرت هذه الحادثة وأنا أستمع لحديث أحد الأصدقاء حول سلوك جيل الألفين (ما لها علاقة بتركي ألفين) حيث شن هجوماً غير مبرر على الأطفال بدأه بـ(أطفال هالأيام غير محترمين) وختمه بـ«الله يرحم أيامنا» وكان الحديث يدور حول ظاهرة الألفاظ الغريبة التي يطلقها أطفالنا اليوم ولم تكن مألوفة (أيامنا قبل). ورغم أننا نتفق على انتشار هذه الظاهرة بشكل خطير لدرجة أن تلك الألفاظ لم تقتصر على الشتم و(المعايير) فيما بين الأطفال وتجاوزت إلى ما هو أبعد من ذلك! إلا أنني أختلف مع صاحبي حول تحميل أولئك الأطفال مسؤولية ذلك السلوك، ونعتهم بالأطفال غير المحترمين. كنت أستمع لهذا الصديق وأقول في نفسي: هل يصلح أن نقول طفلا غير محترم لمن يعتاد إطلاق الألفاظ السيئة؟
الصحيح أن نقول: طفل غير متربي، وهذا يعني أن والديه لم يحسنا تربيته، فإن كانا ارتضيا ذلك السلوك وتلك الألفاظ المسيئة من ابنهما فهو غير متربي، وهما غير محترمين.
الأطفال في السادسة من العمر لا يعرفون تاريخ القبائل لكنهم يفخرون بأصولهم على أقرانهم في المدرسة.
الأطفال في السابعة من العمر يجهلون الفرق بين السني والشيعي لكنهم يشعرون بأنهم ليسوا سواء!
الأطفال في الثامنة من العمر لم يبلغوا الحلم ومع ذلك يتحدثون عن مفاتن (أبلة) الرياضة!
الأطفال في التاسعة من العمر(ما لحقوا) على الغزو العراقي الغاشم، لكنهم يكرهون صدام ما يردده طفلك من ألفاظ عبارة عن محاكاة لما يستقبله من بيئته المحيطة، والتي تتمثل في الأسرة والمدرسة والأقارب والجيران، وقد لا تكون مسؤولاً عن كل لفظ سيئ يردده ابنك، لكن تتحمل مسؤولية تقويم ذلك السلوك بأن تحسن اختيار ألفاظك أولاً ثم تحاول معرفة مصدر تلك الألفاظ التي يرددها ابنك وتحاول عزله عن تلك البيئة وهذه هي الخطوة الأولى. ثم بعد ذلك تعمل على تعليم ابنك الفرق بين اللفظ السيئ والجيد، وحينها نقول طفل متربي، وأب محترم!
خلاصة القول: ابنك صدى صوتك، يردد كـ(الببغاء) ما يسمعه من الآخرين، فلا يسمع منك إلا ما تحب أن يسمعه الناس، عامةً وخاصة!
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق