2020-05-22

اليكْيَكيّهْ

هناك قاعدة يستخدمها كثير من الطلبة، ويوصي عليها بعض المدرسين في فترة الإختبارات، تتعلق بالسؤال الذي لا يملك الطالب أي فكرة عن إجابته؛ القاعدة تقول: إكتب أي شيء، لا تترك الصفحة فاضية.

لدي سؤال، طرحته في كثير من النقاشات بحثاً عن إجابة مقنعة، أو على الأقل إجابة فيها وجهة نظر، أو حتى جملة مفيدة، لكن، وللأسف الشديد، دائماً تأتي الإجابة على سؤالي، وفق قاعدة؛ أي شيء!

في كل مقال، في كل تغريدة، وفي كل نقاشٍ نتعرض فيه لنقد سياسة تركيا، وكشف أجندة حزب العدالة والتنمية، وحقيقة أردوغان، لا بد وأن ينبري في الرد نيابةً عنهم: ذلك المحامي، المتقمّص لشخصية (يك يكي)، ويتصدىٰ مدافعاً، ومنافحاً، بإجابات لا علاقة لها في موضوع النقاش، أو مضمونه، وخلال دقائق يتسبب بإفساد النقاش، وموضوعه، ويخرّب مزاج الجلسة .. وفي كل مجلس هناك يك يكي مختلف.

في البداية كنت أتساءل، بيني وبين نفسي؛ اليكيكي هذا ليش مناشبنا؟ ما علاقته في الموضوع؟
يمكن تركي!
أو أمه تركية!
يمكن صوفي!
أو عضو في حزب العدالة!
وفي أبعد الإحتمالات أقول يمكن عنده شقة في اسطنبول!!

وحين أوجه السؤال مباشرة إلى اليكيكيّهْ في مختلف النقاشات، لا يجيب أحدهم بأي من الإجابات المحتملة أعلاه، إنما نسمع أشياء مثل؛ هذا بلد مسلم، ومُحارب من قِبل الكفار، وأردوغان حافظ للقرآن، وأعاد الحجاب، وعلى الأقل تسمع الأذان، ونهض بإقتصاد تركيا، وأشياء أخرىٰ، كلها في خانة افتح حلقك وقول أي شيء! لا علاقة لها بالموضوع، ولا تستدعي أن يناشبنا أصحابنا، في مجالسنا بسببها في كل هرجهْ.

طيّب، يا سيّد يكْيَكي، إيران بلد مسلم، عليه حظر، وحصار، ومحارب من الكفار، تسمع فيه الأذان، رئيس الدولة خطيب جمعة، يقرأ القرآن، وأعاد الحجاب.
أيضاً أفغانستان بلد مسلم، ونص الشعب ملتحٍ، وأعادوا الحجاب، وباكستان بلد مسلم، وفيه آلاف من حفظة القرآن، والحديث الشريف، وسنغافورة بلد مسلم، ونهضت حكومتها باقتصاد البلد، وماليزيا، وأذربيجان، وأوزبكستان، والشيشان ..  فما الفرق؟ وما سبب التحيّز لتركيا دون غيرها؟

أحدهم حاول الرد بما يعتقد أنه حجّة، فقال: الفرق أن إيران شيعية، وتركيا لا! قلت له: إجابتك هذه أي شيء، والقضية هنا ليست قضية تمذهب، ومع ذلك سأرد عليك بما يفقؤ عينك، فتركيا صوفّية، قبوريّة، وفوق هذا علمانية!

يك يكي آخر يقول؛ ايران عدو، وتتدخل في شؤون الدول العربية، في سوريا، والعراق، واليمن، وغيرها، أيضاً قلت للآخر؛ سالفتك هذي أي شيء، فتركيا أيضاً عدو بثوب صديق، وتتدخل الشؤون العربية، في سوريا، وفي العراق، وفي ليبيا، وغيرها.

ثالث الأثافي هو اليكيكي المتعذّر بانحيازه، ودفاعه عن أردوغان، بنهضة الإقتصاد، والتطور.
قلت له؛ عذرك هذا أي شيء، والأولىٰ أن تفخر، وتنحاز إلى حكام بلادك الذين نجحوا، في فترة وجيزة، بتحويل الصحراء الصفراء، إلى أغلىٰ بقعة في المعمورة.
قال؛ الله يبارك في النفط!
نعم، صحيح، نقول كذلك الله يبارك في النفط، لكن النفط يبي اللي يسنّعه، فما أكثر الدول التي تملك أضعاف ما نملك من النفط، والثروات، والموارد الطبيعية، والمياه، والزراعة، والخيرات، لكنها لم تعرف كيف تستثمر مواردها، ولم تُغنِ شعوبها، مما ألجأ مواطنيها للهجرة، بحثاً عن لقمة العيش، في أوربا، وأمريكا، وفي الصحراء الصفراء، حتى أصبح أقصىٰ طموح أحدهم الحصول على فيزا حلاّق، أو معلم شاورما، أو فيزا أي شيء في دول الخليج.

يك يكي رابع يستسقي كل معلوماته من تويتر، وقناة الجزيرة، وخدمة الأناضول الإخبارية، يرىٰ أن تركيا تستنصر للمسلمين في كل مكان، وهذا بالذات هو بنفسه أي شيء، وأمثاله لا يمكن أن يفهموا كيف أن الدول الإسلامية المحيطة بتركيا -أفغانستان العراق سوريا- تعرضت شعوبها لأقسىٰ أنواع القتل، والتهجير، والتجويع، والتشريد، ولم تقدم لهم تركيا سوىٰ التصريحات، وفوق هذا، وضعت يدها بيد المعتدين على هذه الشعوب، والتحالفات المعلنة خير شاهد.

يتبقّىٰ أسخف واحد في مجموعة اليكيكيّة، وهو الذي يسجّل دخول للموضوع بعبارة، تبي الصراحة 🤓 والحق ينقال 😎 ..... وهذا لا يشارك عادةً في الموضوع إلا في نهاياته، ويتميّز عن الآخرين بالهدوء، واختصار المداخلة.


*
خلاصة القول:
  إلى متى وأنت أي شي؟!

.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق