2014-10-26

بِلْمَأصْ

وصل إلى الوالي أن بائعاً تركياً في سوق الخضار يستخدم المقص بدلاً من السكين في قص الرّقي!
فأرسل الوالي أحد رجاله إلى السوق ليستطلع أمر هذا الإنسان الغريب، فإن صح الخبر أمر البائع أن يعود عن فعله هذا ويستخدم السكين.
جاء الرجل إلى البائع وسأله: بماذا تقص الرقي؟
فقال: بِلْمَأصْ (وكان ينطق القاف ألفاً لأنه أعجمي)!
قال رجل الوالي: لكن الرقي لا يقص إلا بالسكين.
فرد عليه البائع: لا، بل بِلْمَأصْ.
قال الرجل: فإن الوالي يأمرك أن تستخدم السكين لقص الرقي.
فرفض البائع الأمر وأخبره أنه لن يقص الرقي إلا بالمقص!
عاد الرجل إلى الوالي فأخبره بما دار بينه وبين بائع الرقي، فأمر الوالي قائد الشرطة بسجن البائع إن لم يذعن ويأتمر بأمره.
جاء حرس الوالي إلى التركي فأخبروه أن يطيع أمر الوالي أو يذهب معهم إلى السجن فيحبس، فقال: بِلْمَأصْ!!
فألقوا به في السجن شهراً ثم أرسل إليه الوالي من يسأله فإن عاد إلى رشده أطلق سراحه.
فسألوه فإذا هو على رأيه..! بِلْمَأصْ
غضب الوالي وقال: علقوه من يديه وأنزلوه في البئر جزءاً جزءاً ثم إسألوه فإن أصر فأغرقوه ثم إهدموا البئر عليه.
قيدوه من يديه وقالوا: سنغرقك إذا لم تأتمر بأمر الوالي،
فلما أنزلوا قدميه في الماء سألوه: هل يقص الرقي بالمقص أم بالسكين؟
فقال: بِلْمَأصْ.
أنزلوه حتى ركبتيه وسألوه:
بالمقص أم بالسكين؟
قال: بِلْمَأصْ.
أنزلوه حتى نصف جسمه وكرروا عليه السؤال:
بالمقص أم بالسكين؟
فقال: بِلْمَأصْ.
أنزلوه حتى رقبته وسألوه:
بالمقص أم بالسكين؟
قال: بِلْمَأصْ!
أغرقوا كل جسمه ولم يتبقى سوى كفيه المعلقتين بالحبال وصرخوا عليه بصوتٍ عال:
هل يقص الرقي بالسكين أم بالمقص؟؟
فأشار لهم بالسبابة والوسطى يحركهما إلى بعض
فغرق ومات!
*
خلاصة القول:
العنـاد ما سَـرْ التركي
.

2014-10-22

فاتت يا ونيـّـان

عندما سلّم الإمام عبدالله بن سعود نفسه إلى إبراهيم باشا القائد العثماني تم إقتياده ومن معه عبر الصحراء تمهيداً لإرسالهم إلى القاهرة ومن ثم إلى إسطنبول لإعدامهم.
كان مع الإمام عبدالله مرافق ذو فطنة وفراسة يقال له ونـيـّـان.
وعند مرورهم ليلاً بسلسلة جبلية وعرة التضاريس أخذ ونيـّـان يسرد على الإمام قصة، بقصد تهريبه من الجيش.
كان يخاطبه بلهجته البدوية التي لا يفهمها الأتراك ويقول: 
هاك السنة وحنا قنوص حول هـ الضلعان الطويلة
ونشوف هاك الظبي ونطرده نبي نذبحه، لكنه زبن للضلع وعجزنا عن لحوقه وسلّمه الله، وأشار برأسه إلى الجبال.
لم ينتبه الإمام عبدالله لمقصد ونيّان، وعندما تجاوزوا ذلك المكان وتوقفوا للإستراحة، لام ونيـّان الإمام عبدالله لعدم هروبه بالصعود للجبل والتحصن به كما لمّح له، فقال الإمام: "فاتت يا ونيـّـان"
لأنه لم يفهم المغزى إلا بعد أن فاتت الفرصة، ومثل هذا النوع من الفرص لا يأتي إلا مرة واحدة.
تم إعدام عبدالله بن سعود وكانت نهاية الدولة السعودية الأولى، لكن ما لبثت أن ظهرت الدولة السعودية الثانية على يد تركي بن عبدالله.
*
على ساحتنا السياسية المحلية سنحت عدة فرص ذهبية للمعارضة للعودة والمشاركة والتواجد السياسي والتحصن، لكنها فاتت جميعاً لأن أئمة المعارضة لم يفهموا مغزى حكاية ونيّان، ولم ينتهزوا الفرص التي لن تتكرر، فانتهى بهم الأمر إلى الإعدام.. السياسي.
مضى عامان على المقاطعة وإخلاء الساحة للحكومة، ولا نبض في عروق أغلبية فبراير 2012، ولا صوت لائتلاف المعارضة، ولا بوادر لإنعاش معارضة حدس، ولا حشود لحشد، ولا حس أو خبر لبقية الكتل المتناثرة هناك وهناك ممن ركبوا موجة المعارضة الإستثنائية.
لا خطط، ولا برامج، ولا مبادرات، ولا أمل يلوح في الأفق.
وكيف يكون هناك أمل وأحد رموز المعارضة يُسأل عن الحلول وإلى متى نستمر على هذا الحال فيجيب:
حتى يقضي الله أمراً كان مفعولا!!
أتدرون ماذا يعني؟
أن يموت الأمير ويأتي من بعده حاكم يلغي المراسيم ويعدّل القوانين بحسب أهواء الحالمين! وكأنه لا يعلم أن سياسة الدولة لا تتغير بتغير الأشخاص.
هذا المعارض وكل من يحمل مثل هذا الفكر ليس سوى شخص في خصومة مع آخر، ولا علاقة بالعمل السياسي بما يقول أو يخطط.
العمل السياسي ليس أمنيات ولا "دعاوي عِجْزْ" وانتظارٌ لقدر الله.
العمل السياسي أن يكون لديك برنامج، وطرح، ورؤية، وخطط، وخطط بديلة، والسياسة فن الممكن!
والعمل السياسي لا يُختزل في 5 أسماء أو 10 أو حتى 100، ولا في حزب، أو فئة، أو كتلة، أو قبيلة.
كما أن العمل السياسي ليس حكراً على الكبار في السن، أو المخضرمين في المجالس، أو الرموز ذات الشعبية العريضة، خصوصاً ممن أمسوا خارج المشهد السياسي بإقصاء أنفسهم حين إنتهجوا مبدأ المقاطعة المطلقة فأصبحوا بحكم الميت سياسياً.
لذلك فقد بات حتماً أن تعلن الصفوف الثانية الداعية للإصلاح عن نفسها، وأن تتقدم بمبادراتها، وتطرح برامجها، وتتهيأ للمشاركة السياسية في أول استحقاق قادم.
*
خلاصة القول:
إن فاتت عليكم الفرصة لا تخلونها تفوت على غيركم، والحي أبقىٰ من الميت.
.

2014-10-18

بوذا كـويتي

بعض الربع الهرّاجة من نشطاء الأمس توقفوا اليوم عن خوض النقاشات السياسية - المحلية طبعاً - وإن شاركوا في نقاش لم يحسنوا الحديث، أو تعذروا لعدم إكماله بطريقة أو بأخرى.
 تفكرت في تغيّر حال هؤلاء واسترجعت بالذاكرة بعض نقاشاتي معهم فتوصلت إلى أنهم كانوا في السابق يتبنون أقاويل وتصريحات بعض الشخصيات من الشيوخ والنواب السابقين ويروجون أفكارهم مسلّمين بها إنطلاقاً من إعجابهم بتلك الشخصيات في حين أنهم لا يحملون أفكار أبطالهم أو يقتنعوا بها، وربما لم يستوعبوها.
لقد كانوا مجرد صدى صوت!
وحين لا يصدر الصوت لن تسمع الصدى!
وعلى طاري الربع، هل تعرفون "سيدهار ذا كوتاما"؟
هو فيلسوف هندي إتسم برجاحة العقل والحكمة والزهد. أمضى عمره باحثاً عن الحقيقة، توصّل إلى بعضها وجهل كثير.
أحبه الناس واتبعوا نهجه، ونصائحه، وتعاليمه فعاشوا حياة مثالية وهو بينهم.
ومن الطبيعي أن تسير الأمور على هذا النحو، فعندما تحب شخص لا تملك إلا أن تتبع تعليماته.
كان لهذا الفيلسوف 30 شخصاً من أتباعه المقربين الذين تأثروا بأفكاره الفلسفية.
بعد وفاة سيدهار قام هؤلاء الـ 30 بنشر تعاليمه على نطاق أوسع فإقتنع بها كثير من الناس وبدأوا بإتباعها وتطبيقها في حياتهم، إلا أنهم ومع مرور الزمن إعتقدوا الألوهية في هذا الفيلسوف فعبدوه وجعلوا له عدة تماثيل ترمز إليه، يصلّون إليها، ويقدمون لها القرابين!
وشيئاً فشيئاً، تركوا تعاليمه وتوصياته التي كانت تنظم حياتهم، لكنهم إستمروا في عبادة التماثيل والأصنام التي صنعوها رغم أن فيلسوفهم لم يكن يدعو إلى ذلك.
هذا الفيلسوف يعرف بإسم (بــوذا) وهو كافر كان يتنسك على غير دين سماوي وأتباعه شر منه، خصوصاً من تنوروا بالعلم وإطلعوا على العالم من حولهم لكنهم ما زالوا يعتقدون بـ (بوذا) ويعبدونه من دون الله.
 
في الكويت ما عندنا بوذا، لكننا نعاني من وجود فئة تعمل بعمل أتباع بوذا.
لا يشبهون أتباعه الـ 30 الأوائل، إنما هم أقرب إلى أتباع بوذا بعد مرحلة الصنم.
هذه الفئة تعتمد تقديس الشخوص والذوات عطفاً على تاريخ هذه الشخوص أو مواقفهم السابقة، أو بناءً على معتقدات لم يقفوا على حقيقتها.
إذا جمعتك الظروف بأحدهم فـ عامله بإحسان ولطف وخذه على قد عقله، وإسأل الله له الهداية.
*
خلاصة القول:
إذا رضيت أن تكون مقطورة سـ يجرّك القطار إلى حيث يريد.
.
من الأرشيف 2009 مع بعض التعديل
*

2014-10-17

التكتيك الخليجي .. إستنزاف واستفزاز

أزمة إقتصادية حقيقية تواجهها إيران ولا يمكن أن تنجو منها إلا بإفتعال وتفجير أزمة أكبر في محيطها الإقليمي، أو أن ترضخ للضغوط التي تمارس عليها وتقدم تنازلات كبيرة على مستوى مفاوضات المفاعل النووية، وملفات سوريا ولبنان والعراق، واليمن أيضاً.
الخفض المتعمد من قبل دول الخليج لأسعار النفط سيدفع نحو إنهيار كبير وسريع للإقتصاد الإيراني قد يرغم الحكومة على خفض ميزانية الدولة مما ينعكس سلباً وبشكل مؤثر خطير على دخل الفرد المتردي أصلاً أثر العقوبات الإقتصادية طويلة الأمد المفروضة على إيران.
وسيطال التأثير كل مفاصل الإقتصاد في إيران في توقيت لا تريده في ظل إنشغالها بملفات وبأزمات داخلية "بلوشستان، والأحواز"، وخارجية "سوريا، لبنان، العراق، اليمن".
ما يحدث اليوم مشابه إلى حد ما بما حدث في عام 1990؛ حين رفعت الكويت والإمارات نسبة إنتاج النفط مما أدى إلى إنخفاض سعر البرميل فتضررت منه العراق التي حاولت الخروج من تلك الأزمة بغزو دولة الكويت فوقعت في فخ كبير لم تخرج منه حتى الآن.
 لكن إيران ليست بغباء العراق، وهي تحاذر من الإنجرار إلى نفس الفخ.
 كما أنها لا تجرؤ على غزو أحد!
والتاريخ يخبرنا أن إيران تستعرض قوتها العسكرية ولا تستخدمها إلا تحت راية غيرها، كما حدث في العراق بالتعاون مع الشيطان الأمريكي، وفي سوريا بلباس الجيش السوري وبتعليمات غرفة العمليات الروسية.
ثم أن القوة العسكرية الإيرانية أقل بكثير مما يروّج لها، فالطيران الخليجي كفيل لوحده بهزيمة الجيش الإيراني المتهالك. والهزيمة هنا لن تكون بإحتلال إيران طبعاً، بل بإلحاق خسائر أكبر.
إذن فمن الراجح أن يخرج من يحارب بالوكالة عن إيران، وقد لا تكون حرباً بمفهومها العسكري التقليدي!
*
خلاصة القول:
تقوم دول الخليج بتكتيك كبير وخطير لا بد منه، وستكون له إنعكاسات بحجمه!
.

خير في بطنه شر

يسمّونها الزاوية الميتة؛ تلك الزاوية التي لا تستطيع مشاهدتها من خلال المرآة الوسطى بالسيارة، أو مرآة السائق الجانبية، ومكانها خلف الجانب الأ...