2014-09-27

المتثيقف الكويتي

في عام 2001 قال بوش: إنها حرب صليبية.
أكثر الناس يذكر هذه الكلمة، لكن القليل من أغضبته أو إستفزته أو إعتبرها حرب على الإسلام.
لماذا لم تتحرك مشاعرك تجاه الإسلام حينها؟
ذكّرني بردة فعلك تجاه الغزو الأمريكي الصليبي لأفغانستان المسلم تحت ذريعة محاربة الإرهاب بعد تفجيرات 11 سبتمبر.
إتفق كثير من الشعب الكويتي - تحديداً - على أن الحرب على تنظيم القاعدة حرب على الإرهاب الذي يقتل المدنيين ويشوّه صورة الإسلام مبررين الغزو الأمريكي لأفغانستان وقتل آلاف من المسلمين معظمهم مدنيين قضوا إثر قصف الطائرات، حيث كشفت إحصائيات أمريكية أن عدد القتلى المدنيين في الأسابيع الأولى للغزو تجاوز الـ 3000 مسلم أفغاني، فيما بلغ إجمالي القتلى 150 ألف خلال سنوات قليلة.
وفي عام 2003 غزت أمريكا العراق دون موافقة من مجلس الأمن، وقتلت أكثر من 100 ألف مسلم عراقي بدعم من حكومات الخليج ومباركة من شعوبها، وتحديداً الشعب الكويتي الذي قبِلَ بـ "عذر ملّوح" الأمريكي لتبرير الغزو والقتل والإحتلال.
في عام 2009 وتحت غطاء الحرب على الإرهاب قتلت أمريكا وحلفاؤها آلاف المسلمين في الصومال وأججت الحرب الأهلية التي ما زالت تستعر بعد فشل الأمريكان وسقوطهم في الوحل الصومالي.
وفي ليبيا إستعان الثوار بأمريكا وحلف الناتو لقتل آلاف المسلمين بحجة محاربة إرهاب الدولة، وفعلاً لم تتأخر الطائرات الصليبية في تلبية النداء وقصف الجيش الليبي المسلم.
*
واليوم / تقود أمريكا تحالفا دوليا كبيرا، وتشن غارات مكثفة ضد تنظيم داعش وجبهة النصرة وتقتل المئات من المسلمين تحت ذات الغطاء المسمّى "الحرب على الإرهاب"، لكن البعض يراها حرباً على الإسلام هذه المرة.
فما الذي إختلف لدينا بين الأمس واليوم لا سيما لمن يعي أن جبهة النصرة و داعش ليسا سوى تنظيم القاعدة؟
قبل أقل من عام كان هناك شبه إجماع لدى عامة المسلمين على أن داعش تشوّه صورة الإسلام وتفشل الثورة السورية وتخدم النظام النصيري والمخطط الصفوي، واليوم نتهم الدول المسلمة المشاركة في محاربة داعش بأنها تشارك في الحرب على الإسلام.
فما الذي إختلف بين الأمس واليوم لا سيما لمن يقر بأن أعمال داعش ليست من الإسلام؟
الذي أراه أن كل الأحداث متشابهة، وفي كل المشاهد القاتل صليبي والمقتول مسلم، والإختلاف فقط في التكييف الفلسفي للحدث لدى بعض المتثيقفين "اللي يجيبون السوالف من عراقيبها"، والذين يستمدون معلوماتهم من مانشيتات قناتي الجزيرة والعربية، وتصدر أحكامهم بحسب أهوائهم، فيرونها حيناً حرباً على الإرهاب، وحيناً آخر حرباً على الإسلام!
والمتثيقف كائن حي جاهل في الدين، يتصنع نصرة الإسلام ولا يطبق من تعاليمه شيئا يذكر، هو دخيل على عالم السياسة، يقرر قبل أن يفكر، ولا يستوعب الأحداث إلا بعد فواتها.
*
خلاصة القول:
التكييف الفلسفي هو تصرف الإنسان وفق فلسفات خاصة تعلمها، أو تراكمات تأثر بها في بيئته، وتجعله يفسر الظواهر والأحداث والمواقف حسب معتقداته.. وثقافته.. ومعاناته.. ونفسيّته!
*

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق