2014-08-17

المصلحون فجأة .. وبني عمرو بن عمير

قال الله تعالىٰ:
( يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وذروا ما بقي من الربا إن كنتم مؤمنين، فإن لم تفعلوا فأذنوا بحرب من الله ورسوله)  
ذكر زيد بن أسلم، وابن جريج، ومقاتل بن حيان، والسدي: أن هذا السياق نزل في بني عمرو بن عمير من ثقيف، وبني المغيرة من بني مخزوم، كان بينهم ربا في الجاهلية، فلما جاء الإسلام ودخلوا فيه طلبت ثقيف أن تأخذه منهم، فتشاوروا وقالت بنو المغيرة: لا نؤدي الربا في الإسلام.
فكتب في ذلك عتاب بن أسيد نائب مكة إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فنزلت هذه الآية فكتب بها رسول الله صلى الله عليه وسلم إليه، فقالوا: نتوب إلى الله، ونذر ما بقي من الربا، فتركوه كلهم.
كلما مرت عليَ هذه الآية وتفكَرت في سبب نزولها وتفسير معانيها طرأ علي حال بعض الملتحقين بصفوف الإصلاح ما بعد 2010!
فجأة، وجدنا أناساً يرفعون شعارات الإصلاح والعدالة والإنصاف، ويحاربون الفساد ويعيبون على المتنفعين بهبات الحكومة ومناقصاتها المشبوهة ورشاويها.
هؤلاء "المصلحون فجأة" بعضهم غير صالح، يقومون بأعمال مشبوهة، ويتقلدون مناصب مغتصبة، وفي أرصدتهم أموال ملوثة.
انتفعوا من فساد أصحابهم في الحكومة "قبل الصحوة"، حازوا المناقصات، تملكوا المزارع والشاليهات، استخرجوا الجواخير والإستراحات، وتمتعوا بكثير من الإمتيازات بدون وجه حق!
عشرات من المتمارضين يسافرون صيفاً للسياحة بإسم العلاج في الخارج.
مئات من الموظفين المفروزين في بيوتهم، وآلاف من المستفيدين من دعم العمالة عن طريق التزوير بالإتفاق مع شركات الإقطاعيين في القطاع الخاص.
هل نستطيع التوقف عن هذا الفساد والتخلص من آثاره؟
هل نتنازل عن ما في أيدينا من منافع ومكاسب مشبوهة كما تنازل بنو عمرو عن المال الحرام؟
في نقاش مع أحد "المصلحين فجأة" حول هذا الفساد وجواز هذه الهبات والأعمال والأموال المشبوهة التي يستفيد منها بعض من أعرفهم ويعرفهم، صعقني بـ "وقّفت على هـ المساكين؟ غيرهم ناس تاخذ ملايين"!!!
هذا  "المصلح فجأة" يبرر فساده وفساد أصحابه بالحجم! وكأنما يريد وضع حد أدنى مسموح للحرام ليبيح لنفسه التنفع منه، وربما رفع السقف بقدر ما يستطيع أن يحوز ويستفيد!
التبرير فعل خطير، وهو تشريع للفساد يلجأ إليه المستفيد منه للإستمرار فيه  أو للإبقاء على فوائده تهرباً من (وذروا ما بقي من الربا).
*
خلاصة القول:
التوقف عن الفساد أول خطوة في طريق الإصلاح / ولنتطهّـر كما فعل بنو عمرو بن عمير
.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق