قبل عقدين من الزمن، كنا في قارب واحد، مع حكومتنا، وحكّامنا، همومنا وحدة، ودهننا في مكبتنا، وغسيلنا على منشرنا، وكلنا نشجع المنتخب!، وأهل الخليج أهلنا، وما عندنا من الشيطان طاري.
ثم بدأت المظاهرات، وصارت موضة، ثم أصبحت موجة، فركبها الهواة، والمستهوين، وأصحاب الهوىٰ، وحتى اللي ما يعرف يسبح، ركب معهم.
ترك كثير من الناس القارب، استغنوا عنه، وعافوه، وشتموا الربّان، واللي معه، ثم تمرّسوا، وتمردوا، وتمادوا، وركبوا موجة الثورات، فصار همّهم غير همّنا، وكسروا الجرّة، وكبّوا الدهن، ونشروا غسيلهم، على حبال الجزيرة، والـ BBC، وفي تويتر، وعلى كل منشر، وحضر الشيطان!، فأدخلوه شريكاً معهم، فأغواهم، وأقنعهم بأن حزب الاخوان، وأردوغان هم إخوانهم من الرضاعة، وأقرب إليهم نسباً، من أهل القارب، ومن الخليج، وأهله.
تعكرت العلاقات، وتفككت المجتمعات، وخربت الدوانيات، وتم إعادة تشكيل الصداقات، على أُسس مستحدثة، بحسب قوائم المتابعة في تويتر، وبحسب التبعيّة، لحزب، أو لفكر، أو لنائب.
أسوأ ما أفرزته حقبة الثورات، والمظاهرات، والحِراك البائد، أنها فرّقت الناس، وشيّنت النفوس على بعض، ونشرت ثقافة العفن السياسي.
بسببها، سقطت اعتبارات الصداقة، والصحبة، والخوّة، والجيرة، والزمالة، وحتى صلة الرحم.
أجل فيه رجّال يزعّل ابن عمه، أو خويّه، أو جاره، أو زميله، لأجل حزب، أو نائب، أو الجزيرة، أو تركيا، أو أي شيء تافه آخر؟!
*
خلاصة القول:
ركبوا الموجة، وركبهم الشيطان.
.