يرددون ، أن الحكومة تفرّق الشعب "شيعة سنة حضر بدو" ، وتمارس ذلك مع كل انتخابات مجلس أمة على مدى 40 عاماً !!
- كلام فارغ ، وفاضي ، ولا يمكن إثباته بدليل بيّن.
- الحكومة قد تدعم أسماء ، وتوجهات معينة في كل انتخابات ، لإحداث توازنات سياسية تصب في مصلحتها ، لترجيح كفتها في المجلس ، لتمرير مشاريعها ، لحماية وزراؤها ، لكن ذلك لا يحدث بالصورة المغلوطة التي يروّجها أصحاب مقولة "الحكومة تكره الشعب" ! ، إنما بالطريقة التي تتناسب ومرحلة كل انتخابات ، تماماً كما تفعل حدس ، وحشد ، والقبايل ، والشيعة ، وكما يفعل المرشحون المستقلون بتحالفاتهم المرحلية ، التي تخدم مصالحهم ، وكما نفعل جميعاً في انتخابات الأندية ، والنقابات ، والجمعيات التعاونية.
عايشت أكثر من 10 انتخابات مجلس أمة ، والله لم أشعر يوماً أن الحكومة عملت على تفريق الشعب من خلال أي انتخابات ، ولا من خلال التوزير ، ولا التعيينات ، ولا حتى من خلال التنفيع ! ، إنما تقرب هؤلاء في مرحلة ، وأولئك في مرحلة ، والكل ذايق نفعة الحكومة.
سأخبركم متى شعرت بالتفرقة ، والفُرقة ، ومتى شانت النفوس على النفوس.
بدأ بذلك بعد أن وافقت الحكومة ، والمجلس ، وكبار الأسامي المحسوبة على الشعب!، على مقترح شلّة البرتقالي ، ونبيها 5 ، من هنا بدأت الحكاية.
قبل ذلك ، كانت الإنتخابات تُجرىٰ بنظام 25 دائرة ، وصوتين ، والأمور تسير بأفضل حال ، والتنافس شريف ، ونظيف ، أنت مع مرشحك ، وأنا مع ولد عمي ، نجتمع عند المقار الإنتخابية نحن ومنافسينا ، وفي مجالسنا ، ونتهرّج ، ونمزح ، والقلوب صحاح ، ومع انتهاء الإنتخابات نبارك للفايز.
مع بداية العمل بنظام 5 دوائر ، و 4 أصوات ، بدأ التصنيف ، والفرز ، والضرب ، والتخوين ، وتبادل الأصوات ، والمؤامرات ، والقلص ، وتغيرت نبرة الأصحاب لأصحابهم في المجالس ، وتبادلوا الإتهامات ، فشانت النفوس.
ثم جاءت المظاهرات ، والمسيرات ، والحِراك ، والآيفون ، فخرجت لنا فئة عملت على تصنيف الناس بما يتناسب ومشروعها السياسي ، فئة إرتفع عندها هرمون الصلاح فجأة ، فئةٌ اختزلت المرجلة في نفسها ، والردىٰ في غيرها ، وبدأ توزيع الألقاب ، فهم الأحرار ، وهم الشرفاء ، وهم الأبطال ، وغيرهم عبيد سلطة ، وانبطاحيين ، وجبناء ، وبدأت مؤشرات الفرقة ، والتباغض تظهر بين فئات المجتمع ، فنادوا علانيةً بالعزل الإجتماعي للخصم السياسي ! ، هذا لا تسلمون عليه ! وهذا اطردوه من دوانياتكم ! وهذا لا تشترون بضاعته ! وهذا رخو ! وهذا لفو ! وهٰذي محشومة ! وهذيك تسوىٰ ٢٠ شارب ! وهذا كاسحة ألغام ! وهذاك صبي ، وذاك فدواي ! ، ودب الخلاف بين ربع الدوانية الذين لم يختلفوا منذ 20 سنة ، وابتلش الأب بولده الحزبي المتحمّس ! وتطاول الأخ الصغير على أخوه الكبير لأجل النايب فلان ! ، وتخامش عيال العم مع بعضهم في قروب الواتساب ! ، وألغىٰ الجار متابعة جاره في تويتر ! ، واختلطت الأمور ، وشانت النفوس زود ، وزود!!
وأثناء ذلك ، اشتعلت ثورات الخريف العربي ، فمال أبو صلاح إلى جانب ثيران العرب في 7 دول دون أن يفهم حقيقة خروجهم ، وثورتهم ، فشتم لأجلهم حكام وحكومات الخليج ، وزادت حدّة خلافه مع ربع الدوانية الرافضين للثورات ، وأبلش أبوه لأجل حزب الاخوان المصري ، وزعّل عيال عمه في القروب لأجل مرسي ، وفي النهاية تهاوش مع أخوه علشان أردوغان الصوفي! وتعازلوا عيال ابن عاقول ، بسبب هرمون أبو صلاح ، وليس بسبب الحكومة.
*
واحد يسأل:
ليش الحكومة ما تطيّح القروض ؟
فرد عليه آخر:
لأنها تكره الشعب!
- هذا الحوار جعلني أكتب هذا المقال.
*
خلاصة القول :
قد يكره الشعب الحكومة ، لكن الحكومة لا يمكن أن تكره الشعب.