2019-03-07

هـرمــون أبو صـلاح

يرددون ، أن الحكومة تفرّق الشعب "شيعة سنة حضر بدو" ، وتمارس ذلك مع كل انتخابات مجلس أمة على مدى 40 عاماً !!

- كلام فارغ ، وفاضي ، ولا يمكن إثباته بدليل بيّن.

- الحكومة قد تدعم أسماء ، وتوجهات معينة في كل انتخابات ، لإحداث توازنات سياسية تصب في مصلحتها ، لترجيح كفتها في المجلس ، لتمرير مشاريعها ، لحماية وزراؤها ، لكن ذلك لا يحدث بالصورة المغلوطة التي يروّجها أصحاب مقولة "الحكومة تكره الشعب" ! ، إنما بالطريقة التي تتناسب ومرحلة كل انتخابات ، تماماً كما تفعل حدس ، وحشد ، والقبايل ، والشيعة ، وكما يفعل المرشحون المستقلون بتحالفاتهم المرحلية ، التي تخدم مصالحهم ، وكما نفعل جميعاً في انتخابات الأندية ، والنقابات ، والجمعيات التعاونية.

عايشت أكثر من 10 انتخابات مجلس أمة ، والله لم أشعر يوماً أن الحكومة عملت على تفريق الشعب من خلال أي انتخابات ، ولا من خلال التوزير ، ولا التعيينات ، ولا حتى من خلال التنفيع ! ، إنما تقرب هؤلاء في مرحلة ، وأولئك في مرحلة ، والكل ذايق نفعة الحكومة.

سأخبركم متى شعرت بالتفرقة ، والفُرقة ، ومتى شانت النفوس على النفوس.

بدأ بذلك بعد أن وافقت الحكومة ، والمجلس ، وكبار الأسامي المحسوبة على الشعب!، على مقترح شلّة البرتقالي ، ونبيها 5 ، من هنا بدأت الحكاية.

قبل ذلك ، كانت الإنتخابات تُجرىٰ بنظام 25 دائرة ، وصوتين ، والأمور تسير بأفضل حال ، والتنافس شريف ، ونظيف ، أنت مع مرشحك ، وأنا مع ولد عمي ، نجتمع عند المقار الإنتخابية نحن ومنافسينا ، وفي مجالسنا ، ونتهرّج ، ونمزح ، والقلوب صحاح ، ومع انتهاء الإنتخابات نبارك للفايز.

مع بداية العمل بنظام 5 دوائر ، و 4 أصوات ، بدأ التصنيف ، والفرز ، والضرب ، والتخوين ، وتبادل الأصوات ، والمؤامرات ، والقلص ، وتغيرت نبرة الأصحاب لأصحابهم في المجالس ، وتبادلوا الإتهامات ، فشانت النفوس.

ثم جاءت المظاهرات ، والمسيرات ، والحِراك ، والآيفون ، فخرجت لنا فئة عملت على تصنيف الناس بما يتناسب ومشروعها السياسي ، فئة إرتفع عندها هرمون الصلاح فجأة ، فئةٌ اختزلت المرجلة في نفسها ، والردىٰ في غيرها ، وبدأ توزيع الألقاب ، فهم الأحرار ، وهم الشرفاء ، وهم الأبطال ، وغيرهم عبيد سلطة ، وانبطاحيين ، وجبناء ، وبدأت مؤشرات الفرقة ، والتباغض تظهر بين فئات المجتمع ، فنادوا علانيةً بالعزل الإجتماعي للخصم السياسي ! ، هذا لا تسلمون عليه ! وهذا اطردوه من دوانياتكم ! وهذا لا تشترون بضاعته ! وهذا رخو ! وهذا لفو ! وهٰذي محشومة ! وهذيك تسوىٰ ٢٠ شارب ! وهذا كاسحة ألغام ! وهذاك صبي ، وذاك فدواي ! ، ودب الخلاف بين ربع الدوانية الذين لم يختلفوا منذ 20 سنة ، وابتلش الأب بولده الحزبي المتحمّس ! وتطاول الأخ الصغير على أخوه الكبير لأجل النايب فلان ! ، وتخامش عيال العم مع بعضهم في قروب الواتساب ! ، وألغىٰ الجار متابعة جاره في تويتر ! ، واختلطت الأمور ، وشانت النفوس زود ، وزود!!

وأثناء ذلك ، اشتعلت ثورات الخريف العربي ، فمال أبو صلاح إلى جانب ثيران العرب في 7 دول دون أن يفهم حقيقة خروجهم ، وثورتهم ، فشتم لأجلهم حكام وحكومات الخليج ، وزادت حدّة خلافه مع ربع الدوانية الرافضين للثورات ، وأبلش أبوه لأجل حزب الاخوان المصري ، وزعّل عيال عمه في القروب لأجل مرسي ، وفي النهاية تهاوش مع أخوه علشان أردوغان الصوفي! وتعازلوا عيال ابن عاقول ، بسبب هرمون أبو صلاح ، وليس بسبب الحكومة.

*
واحد يسأل:
 ليش الحكومة ما تطيّح القروض ؟
فرد عليه آخر:
لأنها تكره الشعب!

- هذا الحوار جعلني أكتب هذا المقال.


*
خلاصة القول :
  قد يكره الشعب الحكومة ، لكن الحكومة لا يمكن أن تكره الشعب.





خير في بطنه شر

يسمّونها الزاوية الميتة؛ تلك الزاوية التي لا تستطيع مشاهدتها من خلال المرآة الوسطى بالسيارة، أو مرآة السائق الجانبية، ومكانها خلف الجانب الأ...