2015-03-22

التشاؤم ماركة كويتية مسجلة

في الجانب السلبي يشعر الإنسان المحبط أنه تواجد في أشأم فترة زمنية، ويرى أن البلد يعيش أسوأ مراحله، وأن الفساد بلغ ذروته، والظلم قد استبد، والحريات سُلبت، كما أنه يجزم عطفاً على حاضره بأن المستقبل أشد سوءاً.
هذا الشعور السلبي المتشائم تحول إلى شعارات معلنة، أصبحت اليوم ماركة كويتية مسجلة، فما أن تسمع أو تقرأ لـ كائن حي يتحلطم ويشتكي الظلم والجور والفساد والغلاء إلا وتعرف أنه ذلك الكويتي الذي تحسده العرب والأعاجم على رغد العيش والحياة الكريمة، وتوافر كل سبل الرفاهية.. ومساحة الحرية!
لا يخلو بلد أو بقعة في الأرض من فساد وظلم، وما يحدث عندنا في الكويت -وإن تفاوت في حالاته ودرجاته وفتراته- فإنه يبقى ظلمٌ وفسادٌ نسبيٌ ما يزال في الحدود التي يمكن التعامل معها، أو الصبر عليها.
إذن ما بال أولئك السلبيين الذين يشعرونك أن الخطر وصل منتهاه، وأن الحياة لم تعد تطاق، وقد بلغ السيل الزبىٰ بسبب الظلم والفساد والقمع والغلاء.. والزحمة؟؟  
غالب ما يتلفظ به السياسيون مما سبق ليس سوى خبثٌ يسعون من خلاله إلى تأجيج الناس بغرض استخدامهم كوسيلة لبلوغ مقاصدهم السياسية، وأما ما يختلج في نفوس العامة من الناس فإنما هو شعور مبالغ فيه لا يعكس واقعاً حقيقاً.
 
لا يتفق أن تشعر بالخطر الداهم ثم تنام وباب بيتك مفتوحاً.
ولا يتفق أن تنتقد الفساد المالي وأنت تنهله ولا تحرّم منه إلا ما في أيدي الخصوم.
كما لا يتفق أن تنادي بالإصلاح وأنت تمارس الفساد الإداري، وتسكت عن الفساد العقائدي.
وأيضاً لا يتفق أن تشكو التضييق على الحريات وأنت تسمي التعدي على العقيدة حرية شخصية، والألفاظ البذيئة حرية رأي، ثم تفخر على شعوب دول الجوار بمقولة أحمد الربعي "أنا أقول اللي أبي وأروح أنام".
لا يقبل منك أن تشتكي الغلاء وأنت تسافر للسياحة 4 مرات في السنة.
*
أيها السلبي المتشائم المحبط /
سوف أستعرض معك بعض الأحداث المهمة على مدى العقود القريبة الماضية لأبين لك أننا لا نعيش في الفترة الزمنية الأسوأ، وأن الكويت لا تعيش أسوأ مراحلها.
بسم الله / سنبدأ بتقسيم المراحل إلى 3 فترات زمنية مدة كل منها 15 سنة، تبدأ من عام 1975م.
 
الفترة من 1975 - 1990 م شهدت أسوأ مرحلة سياسية؛ بتعليق الدستور مرتين، وشهدت أسوأ نكسة مالية بإنهيار البورصة وما سمّي بأزمة المناخ، وشهدت إغتيالات شخصيات سياسية وتفجيرات إرهابية طالت المنشآت النفطية، والمحلات التجارية، والأماكن العامة وراح ضحيتها كثير من الأبرياء، كما شهدت كارثة الغزو العراقي حيث سقطت المؤسسات والشرعية وسُفكت الدماء وانتهكت الأعراض وتشرد العباد.
وفي هذه الفترة تم إصدار "مرسوم ضرورة" بتغيير الدوائر من 10 إلى 25 دائرة!! والأصوات من 5 إلى صوتين!!
وفي هذه الفترة أيضاً كانت القبضة الأمنية أقوى من أطلق شنب، والحريات محدودة!
 
الفترة الثانية من 1990 - 2005 م
أستطيع تسميتها بـ سنين الخوف، حيث عاش أهل الكويت 13 عاماً في رعب وترقب دائمين تحسباً لغزوٍ ثانٍ، وكان هاجس البعض في كل ليلة ملء خزان السيارة بالبنزين إستعداداً للهروب جنوباً!
استفتحت هذه الفترة بسرقة مليارية عُرفت بقضية الناقلات، وثنيّت بمليارية أخرى من تركات الفترة السابقة بتمرير قانون المديونيات الصعبة، وثُلثت بسرقة هاليبرتون النفطية، وهنا وهناك سرقات واختلاسات مسكوت عنها برضىًٰ أو بتغافل، فكان الفساد برعاية مشتركة بين الحكومة ومجلس الأمة، حيث شهدت هذه الفترة توافقاً حكومياً برلمانياً "لا هو مسبوق ولا ملحوق"، فلم يحل مجلس الأمة في هذه الفترة إلا مرة واحدة فقط، وهي فترة شلل إقتصادي وجمود تنموي وتخلف عمراني.
هي باختصار فترة ضائعة من عمر الكويت وأهله، بحيث لا تحمل أي إيجابيات تذكر.
وفي هذه الفترة ساهمت الكويت بقرار سياسي وإقرارٍ برلماني وبتأييد شعبي مطلق بغزو أمريكي لدولة العراق.
 
الفترة الثالثة من 2005 - 2020 م.
فترة عايشنا منها أحداث 10 سنواتٍ تفوقت سلبياً على سابقتيها فقط بعدد مرات الحل الدستوري للمجلس، وتشابهت معهما في قضايا الفساد المالي والإداري، وسأترك لكم تقييم ما أنتم شهود عليه في هذه الفترة ومقارنته بالفترتين السابقتين -إيجاباً وسلباً-  للوقوف على الحقيقة التي يجهلها السلبيون، وهي أننا نعيش في الفترة الأقل سوءاً.
ويجب عليك أثناء المقارنة معادلة قيمة "المليار" بحسب كل فترة! كما يتحتم عليك استخدام قاعدة "الموازنة بين السلبيات والإيجابيات" لكل فترة.
تتبقى 5 سنوات أترك التعليق عليها - لغرض في نفسي - إلى عام 2020 إن كنا من الحيّين.
*
خلاصة القول:
إذا إنغمست في السلبية فسوف تصبح عليها وتمسى عليها.
' '' ----------- ' ''

خير في بطنه شر

يسمّونها الزاوية الميتة؛ تلك الزاوية التي لا تستطيع مشاهدتها من خلال المرآة الوسطى بالسيارة، أو مرآة السائق الجانبية، ومكانها خلف الجانب الأ...